قصة النبى شعيا عليه السلام


بعد وفاة نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام أصبح تولي أمر بني إسرائيل ملك يصرف شئونهم الدنيوية ويتولي امر تنظيم الجيش والدفاع عن مملكتهم ضد أعدائهم .. ويرسل الله لهم أنبياء ,ليوضحوا لهم أمور دينهم فيأمروهم بإتباع أوامر التوراة والابتعاد عما فيها من نواه .. ويذكروهم بأحكام التوراة وماتركوه من الطاعة وغيرها من أمور الدين وكان الله إذا ملك عليهم ملكاً , بعث إليهم نبياً ليرشده وينصحه فى أمور الدين فيكون هذا النبي رسولاً بينه وبين الله ..وقد جاء على بني إسرائيل يوم تولى أمرهم فيه ملك يدعي حزقيا.. فلما تولي حزقيا ملك بني إسرائيل بعث الله تعالى لهم نبياً هو شعيا بن أمصا وكان ذلك الملك سامعاً مطيعاً للنبي شعيا فيما يأمره به من أمر الله تعالى , وما ينهاه عنه وكان حريصاً على مصالح بني إسرائيل .. وكان بنو إسرائيل فى ذلك الوقت وقد كثرت فيهم الذنوب وعظمت المعاصي ..ومرض الملك حزقيا مرضاً شديداً وظهرت فى رجله قرحة فلزم فراشه , وقد شعر باقتراب أجله وفى ذلك الوقت قرر سنحاريب ملك مملكة بابل غزو مملكة اليهود في بيت المقدس , فحشد جيشاً مكوناً من ستمائة ألف مقاتل وسار على رأسهم قاصداً بيت المقدس ..

فلما وصل سنحاريب بجيشه إلى مملكة اليهود ونزل حول بيت المقدس ذهب النبي شعيا إلى الملك حزقيا وهو مريض وقال له :ياملك بني إسرائيل إن سنحاريب ملك بابل قد نزل بنا هو وجنوده فى ستمائه ألف رايه وقد هابهم الناس وأصيبوا بالذعر منهم ..فحزن الملك أشد الحزن وسأل النبي شعيا قائلا: يانبي الله هل أتاك وحي الله فيما حدث فتخبرنا به ماذا سيفعل الله بنا وبعدونا سنحاريب وجنوده ؟ فقال له شعيا عليه السلام : لم يأتني وحي حدث إلي فى شانك ..وبينما هما على ذلك أوحي الله تعالي إلى نبيه عليه السلام أن يذهب إلى حزقيا , ويأمره أن يوصي بوصيته ويستخلف علي ملكه من يشاء من أهل بيته ..فذهب النبي شعيا إلى الملك حزقيا, قال له: إن ربك قد أوحي إلى أن آمرك بأن توصي وصيتك وتستخلف من شئت من أهل بيتك , فإنك ميت .. فلما أخبره بذلك توجه الملك إلى القبلة فصلى وسبح لله ثم دعا وأخذ يتضرع إلى الله باكيا بقلب مخلص وظن صادق بالله قائلاً :اللهم رب الأرباب وإله الآلهه القدوس المتقدس يارحمن يارحيم يامن لا تأخذه سنه ولا نوم اذكرني بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل وذلك كله منك فأنت أعلم به من نفسي وسري وعلانيتي لك ..ويقال إن الله تعالي قد استجاب له لأنه كان ملكاً صالحاً فأوحي الله إلى شعيا وأمره أن يخبر الملك أن ربه قد استجاب له وقبل منه ورحمه وقد رأي بكاءه وقد أخر أجله خمسة عشر عاماًوأنجاه من عدوه سنحاريب ملك بابل جنوده .. فلما أخبره شعيا عليه السلام بذلك ذهب عنه الوجع وزال عنه الخوف والحزن فخر ساجداً لله تعالى وقال: ياإلهي وإله آبائي لك سجدت وسبحت لك كرمت وعظمت أنت الذي تعطي الملك من تشاء وتنزعه ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء عالم الغيب والشهادة أنت الأول والآخر والظاهروالباطن وأنت ترحم وتستجيب دعوة المضطرين أنت الذي أجبت دعوتي ورحمت تضرعي ..

فلما رفع الملك حزقيا رأسه من سجوده ,أوحي الله تعالى إلى نبيه شعيا عليه السلام أن يقول للملك أن يأمر عبداً من عبيده فيأتيه بماء التين فيجعله على قرحته فيشفي من مرضه .. ففعل الملك حزقيا ما أمره به النبي شعيا عليه السلام فشفي من مرضه ..وقال الملك للنبي شعيا عليه السلام : سل ربك أن يجعل لنا علماً بما هو صانع بعدونا هذا .. فلما سأل شعيا عليه السلام ربه ماطلبه الملك حزقيا أوحي إليه سبحانه أن يقول للملك :إني قد كفيتك عدوك وانجيتك منهم وإنهم سيصبحون موتي كلهم إلا سنحاريب وخمسة من أصحابة ..فلما أصبح الصباح جاءه مناد فنادى على باب المدينة قائلاً : ياملك بني إسرائيل إن الله قد كفاك عدوك فاخرج فإن سنحاريب ومن معه قد هلكوا ..فخرج الملك فرأي جيش سنحاريب قد هلك عن آخره وأن وعد الله تعالى له قد تحقق ..وبحث الملك ومن معه بين الجثث عن سنحاريب فلم يعثروا له على أثر فعرفوا أنه قد هرب ..

وأرسل حزقيا من يبحث عن سنحاريب فعثروا عليه مختبئاً فى مغارة مع خمسة من أصحابه كان أحدهم يدعي بختنصر وهو القائد البابلي الذي سيكون علي يديه خراب بيت المقدس وتدميرمملكة اليهود ..قبض أتباع الملك حزقبا على سنحاريب والخمسة الذين نجوا من الهلاليك معه وأحضروهم إلى الملك حزقيا مكبلين بالقيود فلما رآهم حزقيا ، خر لله تعالى ساجداً ، فلما انتهي سجوده تحدث إلى سنحاريب قائلاً : كيف رأيت فعل ربنا بكم ؟ ألم يقتلكم ؟ بحوله وقوته ، ونحن وأنتم غافلون ؟ فقال له سنحاريب : قد أتاني خبر ربكم ونصره إياكم ورحمته التي رحمكم بها ، وذلك قبل أن أخرج من بلادي فلم استمع لنصح من نصحني ، ولم يلقني فى الشقوة والهلاك إلا قلة عقلي فلو أنني سمعت أو عقلت ماغزوتكم ، ولكن الشقوة غلبت علي وعلى من معي ..فقال الملك حزقيا: الحمدلله رب العزة الذي كفانا إياكم بما شاؤ إن ربنا لم يبقك ومن معك لكرامة لك عليه ولكنه إنما أبقاك ومن معك لما هو شر لك ولمن معك لتزدادوا شقوة فى الدنيا ، وعذاباً فى الآخرة ، ولتخبروا من وراءكم بما رأيتم من فعل ربنا ، ولتنذروا من بعدكم ،ولولا ذلك ماأبقاكم إن دمك ودم من معك أهون على الله من قراد لو قتلته ..يقصد أن قتله وقتل من معه كان أسهل علي من قتل الإنسان حشرة صغيرة ..

وبعد ان انتهى الملك حزقيا من كلامه أمر رئيس حرسه ، فوضع فى رقبه سنحاريب ومن معه القيود وأخذ يطوف بهم حول بيت المقدس وفى مملكة بني إسرائيل سبعين يوماً ليعذبهم ويذيقهم الهوان والذل وكان يطعمهم كل يوم رغيفين من شعير .. فقال سنحاريب لحزقيا : القتل أفضل لنا مما تفعله بنا ..فأمر حزقيا بإيداعهم فى السجن وأوحي الله تعالى إلى النبي شعيا عليه السلام أن يأمر الملك حزقيا أن يرسل سنحاريب ومن معه إلى بلادهم فى مملكه بابل لينذروا قومهم بما قد حل بهم ، وأمره أن يكرمهم ويحملهم إلى حدود بلادهم ..فلما بلغ النبي شعيا عليه السلام أمر ربه إلى الملك حزقيا أطلق سراح سنحاريب ومن معه، فوصلوا بلادهم ..وفى بابل جمع سنحاريب الناس وأخبرهم بما فعله الله به وبجنوده ، فقال سحرة وكهنة بابل : ياملك بابل قد كنا نقص عليك خبر ربهم وخبر أنبيائهم ووحي الله إلى أنبيائهم فلم تطعنا ...ثم توفي حزقيا ملك إسرائيل ، فكثر الفساد بينهم وكثرت المعاصي فأوحي الله تعالى إلى نبيه شعيا عليه السلام فقام فيهم خطيباً فوعظهم وذكرهم وحدثهم عن الله وأنذرهم بأسه وعقابه إن هم خالفوه وكذبوه واستمروا فى معاصيهم وحاولوا قتله ، فهرب منهم ..ويقال إنه مر بشجره فنادته وانفتحت فدخل فيها ، ثم أغلقت الشجرة عليه ، فرآه أبليس فجذب طرف ردائه ، فرأوه ونشروا الشجرة وبداخلها شعيا عليه السلام فتوفاه الله تعالى .. وكان ذلك إيذانا بخراب مملكة بني إسرائيل ...

التعليقات: 0

إرسال تعليق

تعديل