وصايا وأقوال القديس حارث بن كعب النجران

أوصى الحارث بن كعب بنيه، فقال :
يا بني، قد أتت علي مئة وستون سنة، ما صافحت يميني يمين غادر، ولا قنعت لنفسي بخلة فاجر، ولا صبوت بابنة عم ولا كنة، ولا بحت لصديق بسر، ولا طرحت عن مومسة قناعا، ولا بقي على دين عيسى بن مريم -وروي على دين شعيب- من العرب غيري وغير تميم بن مرة وأسد بن خزيمة، فموتوا على شريعتي واحفظوا وصيتي، وإلهكم فاتقوا يكفكم ما أهمكم ويصلح لكم حالكم، وإياكم ومعصيته فيحل بكم الدمار، وتوحش منكم الديار، كونوا جميعا ولا تفرقوا فتكونوا شيعا، وبزوا قبل أن تبزوا، فموت في عز خير من حياة في ذل وعجز، وكل ما هو كائن كائن، وكل جمع إلى تباين، والدهر ضربان : ضرب بلاء، وضرب رخاء. واليوم يومان :يوم حبرة، ويوم عبرة . والناس رجلان : رجل لك، ورجل عليك. زوجوا النساء الأكفاء وإلا فانتظروا بهن القضاء، وليكن أطيب طيبهن الماء. وإياكم والورهاء؛ فإنها أدوأ الداء، وإن ولدها إلى أفن يكون. لا راحة لقاطع القرابة، وإذا اختلف القوم أمكنوا عدوهم، وآفة العدو اختلاف الكلمة. والتفضل بالحسنة يقي السيئة، والمكافأة بالسيئة دخول فيها، وعمل السوء يزيل النعماء، وقطيعة الرحم تورث الهم، وانتهاك الحرمة يزيل النعمة، وعقوق الوالدين يعقب النكد ويخرب البلد ويمحق العدد. والإسراف في النصيحة هو الفضيحة، والحقد يمنع الرفد، ولزوم الخطيئة يعقب البلية، وسوء الرعة يقطع أسباب المنفعة، والضغائن تدعو إلى التباين. يا بني، إني قد أكلت مع أقوام وشربت، فذهبوا وغبرت، وكأني بهم قد لحقت. ثم أنشد قائلا :

أكــلـت شــبابي فأ فـــنيته
وأبليت بعد دهــور دهـــورا
ثــلاثة أهـليــن صـاحبتهم
فبادوا وأصبحت شيخا كبيرا
قلــيل الطعـام عسير القيام
قد ترك الدهر خطوي قصيرا
أبيت أراعي نجوم السماء
أقــلب أمـري بطــونا ظهورا




التعليقات: 0

إرسال تعليق

تعديل