قلعة رعوم

تم بناؤها من قبل الجيش اليمني عندما غزا منطقة نجران عام 1348 هـ ، لاستخدامها كنقطة مراقبة واستكشاف، وتم اختيار جبل رعوم نظرًا لوضعه الاستراتيجي وصعوبة الوصول إليه، حيث يبلغ ارتفاعه 450 مترا..

هذه المدونة قيد الانشاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة، هذه المدونة قيد الانشاء، وهي مدونة تختص بمنطقة نجران وأهلها ومجتمعها، نأمل أن نقدم كل ماهو شيق ومفيد.

هذه المدونة قيد الانشاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة، هذه المدونة قيد الانشاء، وهي مدونة تختص بمنطقة نجران وأهلها ومجتمعها، نأمل أن نقدم كل ماهو شيق ومفيد.

قلعة رعوم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة، هذه المدونة قيد الانشاء، وهي مدونة تختص بمنطقة نجران وأهلها ومجتمعها، نأمل أن نقدم كل ماهو شيق ومفيد.

المطبخ الشتوي النجراني بين الأصالة والقيمة الغذائية

المطبخ الشتوي النجراني بين الأصالة والقيمة الغذائية

نجران - واس  السبت 1438/3/18 هـ الموافق 2016/12/17 م 


لا يزال المطبخ النجراني محافظاً على العديد من الأكلات والأطباق الشتوية التراثية ومصدّراً لها، ولا يزال أهالي نجران يقبلون على هذه الأصناف بشكل مستمر في منازلهم خاصة في فصل الشتاء،في حين تُقدم بكل حفاوة وإكرام للضيوف، خاصة في وجبة الإفطار.
ويبرز كلا من البُر والذرة والسمن والعسل واللبن الطازج (لبن الغنم / لبن البقر / لبن الإبل) والمرق كمكونات أسياسية لأطباق الشتاء في نجران، وجميع هذه العناصر من الإنتاج المحلي في المنطقة منذ القدم وحتى اليوم، فالمزارع النجرانية تُنتج البُر "القمح" والذُرة، خاصة في المدينة على ضفاف وادي نجران الشهير، وكذلك المحافظات التابعة لها خصوصاً في حبونا وبدر الجنوب، فيما شكلت الثروة الحيوانية مصدراً للسمن واللبن ، كذلك العسل حيث يعمد الأهالي إلى تربيته في مناحل، أو بالبحث عنه في المناحل البرية التي يصنعها النحل بنفسه في هضاب وتلال نجران .
وتُعد أطباق "وِفْد السمن والعسل"، و"وِفْد السمن والمَحَض"، و"وِفْد السمن والرُبّ" و"الحريكة بالطماط"، و"المرضوفة" الأطباق الأبرز في فصل الشتاء، وتقدم في وجبتي الإفطار والعشاء.. حيث يتكون "وِفْد السمن والعسل" من البُر والسمن مع إضافة العسل، ويتكون "وِفْد السمن والمَحَض" من البُر والسمن مضافاً إليه اللبن الطازج، وقد يضيف إليه البعض حبّة البركة السوداء مطحونةً، ويتكون "وِفْد السمن والرُبّ" من البُر والسمن مضافاً إليه دبس التمر الذي يصبح سائلاً مثل العسل ويختلط بالسمن، في حين أن "الحريكة بالطماط" تتكون من البر والسمن مع الطماطم المهروسة المطبوخة مع بعض البهارات.
أما "المرضوفة" فتعد من أشهر الأطباق التي تقدم صباحاً، وهي مكونة من البُر والسمن، لكنها تقدم بشكل غريب وخاص، بحيث يوضع حجراً صغيراً ساخناً في حفرة السمن التي تقع في منتصف البر المكور والمحفور، بحيث يتغير لون السمن وتتكون بعض الزبدة السريعة مع غليان السمن بفعل الحجر الحار.
ومما يميز الأكلات النجرانية بوجه خاص، هو أنها ما زالت تُعدّ بالطريقة اليدوية رغم توفر الأجهزة الكهربائية في المنازل، حيث أن ربّات البيوت ما زلن يقمن بعجن الطحين بأيديهن، إذ أن البُر مكون رئيس في أغلب الأطباق الشتوية، وكذلك الذُرة، وسواء كان الإعداد على جمر النار، أو في تنور الحطب، أو في الأفران الغازية والكهربائية، فإن البُر يوضع على الصاج باليد، ويُنزع بعد نضجه باليد، ويتم هرسه في إناء خاص باليد أيضاً، وذلك عن من أجل تقطيعه إلى قطع كبيرة، أو تكويره بشكل شبه مخروطي في منتصف "المدهن" الحجري، بحيث يضاف إليه السمن والعسل، أو اللبن والسمن، أو غيرهما من مكونات الأطعمة الشتوية الأخرى.






أبناء نزار بن معد بن عدنان مع ملك نجران

يذخر التاريخ العربي بالعديد من قصص الفراسة و الفطنة و الذكاء , و هذه القصة من أشهر قصص الفراسة العربية , و هي قصة أبناء “نزار بن معد بن عدنان” مع ملك نجران “الأفعى الجرهمي” , و “نزار بن معد” هو الجد الثامن عشر لرسول الله , و يرتقي نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام , 

و ابناء "نزار" هم أربعة من الذكور , وهم مضر (الذي من نسله رسول الله) و إياد و ربيعة و أنمار , لما حضرت أباهم "نزار" الوفاة دعا أبناءه ليوصيهم فدعا اياداً وعنده جارية شمطاء (التي خالط بياض رأسها سواده) و قال: هذه الجارية الشمطاء وما أشببها لك ودعا أنماراً وهو في مجلس له وقال: هذه البدرة و المجلس وما اشبههما لك ودعا ربيعة وأعطاه حبالاً سوداً من شعر و قال: هذه وما اشبهها لك وأعطى مضر قبة حمراء و قال: هذه وما اشبهها لك ثم قال: وإن أشكل عليكم شئ ، فأتوا "الأفعى بن الأفعى الجرهمي" (وكان ملك نجران في ذلك الوقت) , فلما مات "نزار" ركبوا رواحلهم قاصدين "الأفعى" تنفيذا لوصية والدهم , فلما كانوا من نجران على مسافة يوم اذا هم بأثر بعير (الأبل) فقال إياد: انه أعور (يرى بعين واحده) فقال أنمار: وإنه لأبتر (مقطوع الذيل) فقال ربيعة: وإنه لأزْور (أعرج مائل الجسم) وقال مضر: وإنه لشارد لا يستقر (هارب هائم على وجهه) فلم يلبثوا حتى جاءهم راكب ، فلما وصلهم قال: هل رأيتم بعير ضال فوصفوه له كما تقدم (أعور , أبتر , أزور , شارد) فقال الراكب: إن هذه لصفته عينا، فأين بعيري؟ قالوا:مارأيناه فقال:أنتم أصحاب بعيري، وما أخطئتم من نعته شيئا فأكملو طريقهم ليحتكموا الى رأي الملك , فلما أناخوا بباب الأفعى و أستأذنوه و اذن لهم صاح الرجل بالباب ، فدعا به "الأفعى" وقال له ما تقول يا هذا؟ قال: أيها الملك، ذهب هؤلاء ببعيري فسألهم الأفعى عن شأنه فأخبروه فقال لإياد :مايدريك انه أعور؟ قال: رأيته قد لحس الكلأ من شق والشق الآخر وافر (يأكل العشب من ناحية دون الأخرى) وقال أنمار: رأيته يرمي بعره مجتمعا ولو كان أهلب لمصع به فعلمت انه أبتر (يخرج الروث متجمعا و ليس متفرقا يمينا و يسارا) وقال ربيعة: أثرُ احدى يديه ثابت أما الآخر فاسد فعلمت أنه أزور وقال مضر: رأيته يرعى الشقة من الأرض ثم يتعداها فيمر بالكلأ الغض فلا ينهش منه شيئا فعلمت انه شرود فقال الأفعى: صدقتم , وليسوا بأصحابك فالتمس بعيرك يا رجل ثم سألهم الأفعى عن نسبهم فأخبروه ، فرحب بهم وحيّاهم ، ثم قصوا عليه قصة أبيهم ، فقال لهم:كيف تحتاجون إليّ وأنتم على ما أرى ؟ قالوا: أمرنا بذلك أبونا ، فأمر خادم دار ضيافته أن يحسن ضيافتهم و يكثر مثواهم ، و أمر وصيفا له ان يلتزمهم ويحفظ كلامهم فأتاهم "القهرمان" بشهد (عسل) فأكلوه ، فقالوا: ما رأينا شهدا أطيب ولا أعذب منه فقال إياد: صدقتم لولا ان نحله في هامة جبّار ثم جاءهم بشاة مشوية ، فأكلوها واستطابوها ، فقال أنمار: صدقتم لولا انها غذيت بلبن كلبه ثم جاءهم بالشراب فاستحسنوه، فقال ربيعة: لولا ان كرمته نبتت على قبر ثم قالوا: ما رأينا منزلا أكرم قِرى ولا أخصب رَحْلاً من هذا الملك فقال مضر: صدقتم لولا انه لغير أبيه !!!

فذهب الغلام الى "الأفعى" فأخبره بكل ما سمع مما دار بينهم ، فدخل "الأفعى" على أمه فقال: أقسمت عليك الا أن تخبرينني من أبي؟؟؟ قالت: أنت "الأفعى" ابن الملك الأكبر ، قال حقا لتصدقينني , فلما ألح عليها قالت أي بني: إن الأفعى كان شيخا قد أُثقل ، فخشيت ان يخرج هذا الأمر عن أهل هذا البيت ، وكان عندنا شاب من أبناء الملوك اشتملت عليك منه ثم بعث الى "القهرمان" فقال: أخبرني عن الشهد الذي قدمته الى هؤلاء النفر ما خطبه ؟ قال: طلبت من صاحب المزرعة أن يأتيني بأطيب عسل عنده فدار جميع المناحل فلم يجد أطيب من هذا العسل الا أن النحل وضعه في جمجمة في كهف ، فوجدته لم يُر مثله قط فقدمته لهم فقال: وما هذه الشاه ؟ فقال: إني بعثت الى الراعي بأن يأتيني باسمن شاة عنده ، فبعث بها وسألته عنها فقال: انها أول ما ولدت من غنمي فماتت أمها وأنِست بجراء الكلبة ترضع معهم فلم أجد في غنمي مثلها فبعثت بها ثم بعث الى صاحب الشراب وسأله عن شأن الخمر فقال: هي كرمة غرستها على قبر أبيك فليس في بلاد العرب مثل شرابها فعجب الأفعى من القوم , ثم أحضرهم وسألهم عن وصية أبيهم فقال إياد: جعل لي خادمة شمطاء وما اشبهها، فقال الأفعى: انه ترك غنما برشاء (عليها بعض بقع بيضاء تخالط لونها) فهي لك ورعاؤها من الخدم وقال أنمار: جعل إليّ بدرة و مجلسه وما أشبهها , فقال: لك مارتك من الرقة و الأرض وقال ربيعة: جعل لي حبالا سودا وما اشبهها ، فقال ترك أبوك خيلا دهما (سوداء) وسلاحا فهي لك وما معها من موالي (فقالت العرب بعد ذلك ربيعة الفرس) وقال مضر: جعل لي قبة حمراء وما اشبهها ، قال ان أباك ترك ابلاً حمراء فهي لك (فقالت العرب بعد ذلك مضر الحمراء)
و أعطاهم ما لهم و أكرمهم , ثم رحلو عنه.


أستمع للقصة على اليوتيوب

مقال - من عاشر أهل نجران يوماً صار منهم

من عاشر أهل نجران يوماً صار منهم
الكاتب: أحمد بن علي الطالبي - نجران الآن

عندما تجتمع بساطة الطبيعة وأصالة القيم وسمو الأخلاق وكريم الطباع فتأكد أنك حينها في نجران ..

نعم تلك المدينة التي ما أن تختلط بأهلها وتعاشرهم تشعر وكأنك تعيش بينهم منذ زمن ، هناك تجد المعنى الحقيقي للتعايش والذي يعد الأصل في الحياة الإنسانية بين المجتمعات بعضها البعض ، من خلال عدة قواسم مشتركة تعمل في تفعيل التعايش الإيجابي دون اختزاله في مجال معين والذي يقوم على تبادل الود والاحترام وحفظ الحقوق بعيداً عن أي معايير أخرى ، هذا المعنى والذي للأسف أصبح مفقوداً في كثير من الأقطار مع الحاجة له ليعم الأمن والسلام ولتتحقق أحد المعاني السامية لتواجد البشرية على هذا الكوكب كما قال ربنا جل شأنه : “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا..” الآية

وكما يقال ليس من رأى كمن سمع ، فمن خلال فترة معايشة تفوق ال (20) عاماً لأبناء هذه المنطقة سواء في المراحل التعليمية أو الحياة اليومية وجدت المعنى الحقيقي لمفهوم التعايش متمثلاً بأخلاقهم بل ويُعد أحد القواسم الإيجابية المشتركة فيما بينهم دون النظر لأي اعتبارات أخرى ، وهم ممن يُجيد فن بناء الصورة الذهنية الإيجابية أو ما يسمى بخلق الانطباع الأولي دون تكلف أو تزييف .

والكثير منهم يحفظ لك ود اللحظة فربما تجمعك به لحظات بإحدى المناسبات فما أن تنتهي تلك اللحظات إلا وتجدك عرفت عنه ما كنت تحتاج لوقت أكثر لمعرفته ، وما أن تلتقي به ولو على سبيل الصدفة بأحد الأماكن سواء العامة أو الخاصة إلا وتجده يظهر لك جميل تلك اللحظات القصيرة التي سبق وأن جمعتكما معاً بابتسامة تشعر وكأنها تحمل في طياتها الكثير من عبارات التقدير والامتنان .كما أن تلك العلاقات لا تحتاج لوقت طويل لبنائها فربما تكون وليدة اللحظة بينما يدوم ودها وعطائها فترات أطول .

مقال - هنا أُحرق «أصحاب الأخدود»..

نجران: هنا أُحرق «أصحاب الأخدود».. وكتب «الثموديون» خطهم قبل أن يهلكوا


 «الحياة»
مضى على الآثار في الجزيرة العربية آلاف الأعوام، إلا أن زيارتها والتأمل في تفاصيلها التي أبدع القدامى في تصميمها وهندستها، معمارياً وعمرانياً، من أهم المتع التي يسافر من أجلها السياح.
وتحتضن منطقة نجران في السعودية كثير من المواقع الأثرية التي مرت عليها الحضارات وتركت أثراً لم يمح، ومن هذه المواقع:

الأخدود
تعد الأخدود (مدينة رقمات سابقاً) من أغنى المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية حالياً، لما تحويه من كتابات ونقوش على الأحجار التي يعود تاريخها إلى أكثر من 1750 عاماً. وترجع المدينة إلى «مملكة حمير» قبل 110 أعوام من الميلاد.
وورد اسم المدينة في القرآن الكريم في سورة «البروج»، في سياق قصة المحرقة التي ارتكبها آخر ملوك التبابعة (ذو نواس) في حق سكان نجران المؤمنين في الله، بعدما أساء معاملتهم وقتل الكثير منهم ظلماً (ترجح مصادر تاريخية أنها وقعت حوالى العام 520 ميلادية).
وتبلغ مساحة المدينة الأثرية خمسة كيلومترات مربعة، ولا تبعد أكثر من 15 كيلومتراً عن وسط نجران. وهي وجهة للسياح، إذ يتاح لهم التجوال من الصباح وحتى غروب الشمس في هذه المدينة التاريخية، من أجل رؤية «الأخدود» و«النقوش السبئية»، و«الرحى العظيمة» التي يبلغ قطرها حوالى مترين، وبارتفاع يبلغ حوالى المتر، والمنحوتة من «الغرانيت».
ونقبت وكالة الآثار والمتاحف في وزارة التعليم سابقاً ابتداءً من العام 1402هـ، في الأخدود لتكتشف في منطقة القلعة سوراً خارجياً كبيراً مشيداً من الحجارة المربعة ومزيناً من الأعلى بشرفات دفاعية، وداخله مبان حجرية، إضافة إلى كتابات ورسوم حيوانية. وتم الكشف أيضاً عن مقابر خارج القلعة.
وأظهرت التنقيبات الأثرية أن الموقع كان يعتمد على الزراعة، من خلال السدود وأنظمة الري التي وجدت بقاياها فيه، وأظهرت النقوش المكتشفة أن الموقع كان مركزاً هاماً لتجارة القوافل.

آبار حمى
وهي عبارة عن ست آبار متجاورة، كل بئر لها اسم مختلف وبعض هذه الآبار محفورة في الصخر. وتقع على بعد 150 كيلومتراً شمال نجران، ويعود عمر موقعها إلى سبعة آلاف عام.
وحفر الإنسان القديم هذه الآبار لتكون اليوم من أقدم المحطات الأثرية، والتي ما زالت تقدم الماء العذب، والذي كانت تشرب منه قديماً القوافل المتجهة إلى بلاد الهند واليمن في صحراء منطقة نجران.
ومنطقة الآبار هي موقع لأبرز الرسوم والنقوش الصخرية التي تحوي الرسوم الآدمية والحيوانية إلى جانب الكتابات بخط البادية المعروف بـ«الثمودي»، نسبة إلى قوم ثمود الذين وردت قصة هلاكهم في سور عدة من القرآن الكريم، إضافة إلى المسند الجنوبي والخط الكوفي. وتتوزع الكتابات في الجبال والكهوف، ويصل طول أحدها إلى ستة أمتار وتعود إلى مراحل حضارية مختلفة.

قلعة رعوم
تتربع القلعة على قمة جبل رعوم، وتطل على مركز الحضن في مدينة نجران. ويجذب منظر مدينة نجران ومزارعها وآثارها السياحية من قمة تلك القلعة الزوار من داخل المملكة وخارجها، ويقدر ارتفاعها بحوالى ألف متر. وبنيت القلعة من قطع الأحجار والطين، وسقّفت بخشب السدر والأثل والنخل. ويوجد أسفلها خزانات صخرية تم بناؤها بعناية تمتلئ بالماء أثناء هطول الأمطار.
ورممت الهيئة العامة للسياحة والآثار المنطقة أخيراً، وأعادت كل الأجزاء التي سقطت سابقاً. إضافة إلى تهيئة الطريق المؤدية إلى القلعة بإعادة ترميم الدرج الحجري ليخدم الزوار الذين يفدون على الموقع.

سوق الجنابي
يُعتبر من أهم الأسواق التراثية في المنطقة، ويتميز ببيع الجنابي (جمع جنبية) وهي الخناجر التي يتمنطق بها أهالي نجران في احتفالاتهم ومناسباتهم. وتكاد تكون المكون الرئيس للزي الرجالي في المنطقة، إذ يعود التمنطق بالجنبية إلى تاريخ ضارب في القدم، يصل إلى «مملكة حمير» التي هيمنت على نجران قبل الميلاد.
ويقع سوق الجنابي في حي أبا السعود التاريخي، ولا يقتصر على الجنابي فقط، بل يعرض المنتوجات الجلدية التي تميز أهالي المنطقة بصناعتها، مثل «المشراب» بلهجة أهل نجران، وهي القربة المصنوعة من الجلد. وما زال أهالي نجران لا سيما كبار السن يشربون الماء من خلال «المشراب» أو «المزادة».

قصر الإمارة
قصر الإمارة واحد من أروع نماذج العمارة التقليدية في الجزيرة العربية، ويقع وسط نجران في حي أبا السعود التاريخي على مساحة تقدر بحوالى 6 آلاف و252 متراً مربعاً.
وبني القصر العام 1361 في عهد الأمير تركي بن محمد الماضي، ليكون مقراً للإمارة ودوائر حكومية أخرى. ويوجد في القصر 65 غرفة، ومسجد، ومحاط بسور مرتفع مدعم بأبراج دائرية في أركانه الأربعة. إلا أنه تم إخلاء القصر في العام 1387 هجري، وترميمه في العام 1429 ليكون مقراً للحرفيين.
ويرجح أن البئر التي كانت تزود القصر بالماء تعود إلى فترة ما قبل الإسلام، ويدل على ذلك الجزء الأسفل منها المبني بالآجر الأحمر.

غابة سقام
تتميز هذه الغابة التي اخذت اسمها من جبل سقام، بأشجار السدر الطبيعية والسمر، إضافة إلى مسطحات خضراء وأماكن ترفيهية. وتضم الغابة واحداً من أكبر منتزهات الشرق الأوسط، وهو منتزه «الملك فهد الوطني»، الذي يشهد إقبالاً كبيراً من الزوار طول العام. ولا تبعد الغابة كثيراً عن منطقة «الأخدود».

قصر «العان » أو «سعدان»
سعدان هو الأسم الذي أطلق على القصر قبل 300 عام، أما اليوم فيسمى العان نسبة إلى القرية التي يوجد فيها. ويقع في الجهة الغربية على قمة أحد الجبال ويتميز بطراز معماري رائع، إذ تم بناؤه من الطين بنظام المداميك «العروق»، ويتكون من أربعة أدوار، ويحيط به سور طيني، ويوجد فيه أربعة أبراج وبوابة رئيسة. 

الشاعر أحمد محرم في بنو الحارث

الشاعر أحمد محرم في بنو الحارث


يا بني الحارث بن كعب سلام
أذهب الرجس عنكم الإسلام

جاءكم خالد بدعوة حق
فاستجبتم ما عابكم إحجام

عظمت نعمة النبي عليكم
فاعرفوا دينه وكيف يقام

كل ما تكره النفوس من البغي
وسوء الصنيع فيه حرام

لا يحل القتال إلا بحق
وهو حق مؤكد وذمام

أنتم القوم ما عليكم ملام
قضي الأمر واستراح الحسام

وعجيب إذا بدا الحق طلقا
أن تضل العقول والأحلام

يا بني الحارث بن كعب نزلتم
في حمى الله منزلا لا يرام

ها هنا ها هنا يطيب المقام
هذه يثرب وهذا الإمام

أرأيتم عز النبوة فيما
عرف الناس أو رأى الأقوام

لا النبيون أول الدهر نالوا
بعض هذا ولا الملوك العظام

قال وهو العليم إذ كلم القوم
ومن مثله يطيب الكلام

بم كنتم في الجاهلية تستع
لون بالنصر حين يحمى الصدام

فأجابوه ذلكم أننا كنا
جميعا تضمنا الأرحام

صادقي البأس للقلوب اتحاد
حين تمضي وللصفوف التئام

صخرة ما تطير أو تتفرى
إن تفرى الحصى وطار الرغام

ثم كنا لا نبدأ الناس بالظلم
نعاف الذي يعاف الكرام

نكره الشر قادرين ونأباه
وللشر في النفوس اضطرام

قال حقا لقد صدقتم
وما كان ليرجى للظالمين دوام

إن زيدا أميركم فاعرفوه
واستقيموا لكل أمر نظام

سنة الله ليس للقوم بد
من رئيس يلقى إليه الزمام

عد بخير يا ابن الحصين ونعمى
إنك اليوم للرئيس الهمام



سمونا لنجران اليماني - الفـرزدق

الفرزدق - بنو الحارث




سمونا لنجران اليماني وأهله
ونجران أرض لم تديث مقاوله

بمختلف الأصوات تسمع وسطه
كرز القطا لا يفقه الصوت قائله

لنا أمره لا تعرف البلق وسطه
كثير الوغى من كل حي قبائله

كأن بنات الحارثيين وسطهم
ظباء صريم لم تفرج غياطله

إذا حان منه منزل أوقدت به
لأخراه في أعلى اليفاع أوائله

تظل به الأرض الفضاء معضلا
وتجهر أسدام المياه قوابله

ترى عافيات الطير قد وثقت لها
بشبع من السخل العتاق منازله

إذا فزعوا هزوا لواء ابن حابس
ونادوا كريما خيمه وشمائله

سعى بترات للعشيرة أدركت حفيظة
ذي فضل على من يفاضله

فأدركها وازداد مجدا ورفعة وخيرا
وأحظى الناس بالخير فاعله

أرى أهل نجران الكواكب بالضحى
وأدرك فيهم كل وتر يحاوله

وصبح أهل الجوف والجوف آمن
بمثل الدبا، والدهر جم بلابله

فظل على همدان يوم أتاهم
بنحس نحوس، ظهره وأصائله

وكندة لم يترك لهم ذا حفيظة
ولا معقلا إلا أبيحت معاقله

وأهل حبونا من مراد تداركت
وجرما بواد خالط البحر ساحله

صبحناهم الجرد الجياد، كأنها
قطا أفزعته يوم طل أجادله

إلا إن ميراث الكليبي لابنه
إذا مات ربقا ثلة وحبائله

فأقبل على ربقي أبيك فإنما
لكل امرىء ما أورثته أوائله

تسربل ثوب اللؤم في بطن أمه
ذراعاه من أشهاده وأنامله

كما شهدت أيدي المجوس عليهم
بأعمالهم، والحق تبدو محاصله

عجبت لقوم يدعون إلى أبي
ويهجونني، والدهر جم مجاهله

فقلت له: رد الحمار، فإنه
أبوك لئيم، رأسه وجحافله

يسيل على شدقي جرير لعابه
كشلشال وطب ما تجف شلاشله

ليغمز عزا عسا عظم رأسه
قراسية كالفحل يصرف بازله

بناه لنا الأعلى، فطالت فروعه
فأعياك واشتدت عليك أسافله

فلا هو مسطيع أبوك ارتقاءه
ولا أنت عما قد بنى الله عادله

فإن كنت ترجو أن توازن دارما
فرم حضنا فانظر متى أنت ناقله

وأرسل يرجو ابن المراغة صلحنا
فرد ولم ترجع بنجح رسائله

ولاقى شديد الدرء مستحصد القوى
تفرق بالعصيان عنه عواذله

إلى كل حي قد خطبنا بناتهم
بأرعن مثل الطود جم صواهله

وأنتم عضاريط الخميس عتادكم
إذا ما غدا، أرباقه وحبائله

وإنا لمناعون تحت لوائنا حمانا
إذا ما عاذ بالسيف حامله

وقالت كليب قمشوا لأخيكم
ففروا به إن الفرزدق آكله

فهل أحد يا ابن المراغة هارب
من الموت، إن الموت لا بد نائله

فإني أنا الموت الذي هو ذاهب
بنفسك فانظر كيف أنت محاوله

أنا البدر يعشي طرف عينيك فالتمس
بكفيك ياابن الكلب هل أنت نائله

أتحسب قلبي خارجا من حجابه
إذا دف عباد أرنت جلاجله

فقلت، ولم أملك، أمال بن مالك
لأي بني ماء السماء جعائله

أفي قملي من كليب هجوته
أبو جهضم تغلي علي مراجله

أحارث داري مرتين هدمتها
وكنت ابن أخت لا تخاف غوائله

وأنت امرؤ بطحاء مكة لم يزل
بها منكم معطي الجزيل وفاعله

فقلنا له: لا تشمتن عدونا
ولا تنس من أصحابنا من نواصله

فقبلك ما أعييت كاسر عينه
زيادا، فلم تقدر علي حبائله

فأقسمت لا آتيه سبعين حجة
ولو نشرت عين القباع وكاهله

فما كان شيء كان مما نجنه
من الغش إلا قد أبانت شواكله

وقلت لهم: صبرا كليب، فإنه
مقام كظاظ لا تتم حوامله

فإن تهدموا داري، فإن أرومتي
لها حسب لا ابن المراغة نائله

أبي حسب عود رفيع وصخرة
إذا قرعت لم تستطعها معاوله

تصاغرت يا ابن الكلب لما رأيتني
مع الشمس في صعب عزيز معاقله

وقد منيت مني كليب بضيغم
ثقيل، على الحبلى جرير، كلاكله

شتيم المحيا، لا يخاتل قرنه
ولكنه بالصحصحان ينازله

هزبر، هريت الشدق، رئ بال غابة
إذا سار عزته يداه وكاهله

عزيز من اللائي ينازل قرنه
وقد ثكلته أمه من ينازله

وإن كليبا، إذ أتتني بعبدها
كمن غره حتى رأى الموت باطله

رجوا أن يردوا عن جرير بدرعه
نوافذ ما أرمي، وما أنا قائله

عجبت لراعي الضأن في حطمية
وفي الدرع عبد قد أصيبت مقاتله

وهل تلبس الحبلى السلاح وبطنها
إذا انتطقت عبء عليها تعادله

أفاخ وألقى الدرع عنه، ولم أكن
لألقي درعي من كمي أقاتله

ألست ترى يا ابن المراغة صامتا
لما أنت في أضعاف بطنك حامله

وقد علم الأقوام حولي وحولكم
بني الكلب أني رأس عز وكاهله

ألم تعلموا أني ابن صاحب صوأر
وعندي حساما سيفه وحمائله

تركنا جريرا وهو في السوق حابس
عطية، هل يلقى به من يبادله

فقالوا له رد الحمار، فإنه
أبوك لئيم رأسه وجحافله

وأنت حريص أن يكون مجاشع أباك
ولكن ابنه عنك شاغله

وما ألبسوه الدرع حتى تزيلت
من الخزي دون الجلد منه مفاصله

وهل كان إلا ثعلبا راض نفسه
بموج تسامى، كالجبال، مجاوله

ضغا ضغوة في البحر لما تغطمطت
عليه أعالي موجه وأسافله

فأصبح مطروحا وراء غثائه
بحيث التقى من ناجخ البحر ساحله

وهل أنت إن فاتتك مسعاة دارم
وما قد بنى، آت كليبا فقاتله

وقالوا لعباد أغثنا، وقد رأوا
شآبيب موت يقطر السم وابله

وما عند عباد لهم من كريهتي
رواح إذا ما الشر عضت رجائله

فخرت بشيخ لم يلدك ودونه أب
لك تخفي شخصه وتضائله

فلله عرضي، إن جعلت كريمتي
إلى صاحب المعزى الموقع كاهله

جبانا، ولم يعقد لسيف حمالة
ولكن عصام القربتين حمائله

يظل إليه الجحش ينهق إن علت
به الريح من عرفان من لا يزايله

له عانة أعفاؤها آلفاته
حمولته منها ومنها حلائله

موقعة أكتافها، من ركوبه
وتعرف بالكاذات، منها منازله

ألا تدعي إن كان قومك
لم تجد كريما لهم، إلا لئيما أوائله

ألا تفتري إذ لم تجد لك مفخرا
ألا ربما يجري مع الحق باطله

فتحمد ما فيهم، ولو كنت كاذبا
فيسمعه، يا ابن المراغة، جاهله

ولكن تدعى من سواهم إذا رمى
إلى الغرض الأقصى البعيد مناضله

فتعلم أن لو كنت خيرا عليهم
كذبت، وأخزاك الذي أنت قائله

تعاط مكان النجم، إن كنت طالبا
بني دارم، فانظر متى أنت نائله

فللنجم أدنى منهم أن تناله
عليك فأصلح زرب ما أنت آبله

ألم يك مما يرعد الناس أن ترى
كليبا تغنى بابن ليلى، تناضله

أبي مالك، ما من أب تعرفونه
لكم دون أعراق التراب يعادله

عجبت إلى خلق الكليبي علقت
يداه، ولم تشتد قبضا أنامله

فدونك هذي، فانتقضها، فإنها
شديد قوى أمراسها ومواصله

مقال - أصحاب الأخدود




تيسير خلف – عندما نتأمل بشكل عميق علاقة الاسلام مع الاديان الاخرى فسنجد أنموذجاً مشرقاً، ليس في تاريخنا فقط بل في تاريخ البشرية جمعاء، لا علاقة له بالجهلة والمتخلفين الذين يدعون زورا ويهتانا الانتماء للدين الاسلامي..

لقد اعتبر الرسول الكريم أن شهداء نجران هم شهداء الاسلام على الرغم من أنهم مسيحيون. ونزلت فيهم سورة في القرآن هي سورة البروج، وهم المشهورون في التراث الاسلامي بأصحاب الاخدود.

وقد منحهم الرسول الكريم عهداً ما تزال كتب التاريخ الاسلامي تتناقله بروايات مختلفة ملخصه أن لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بيعهم، وصلواتهم، ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله، لا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم، ولا سلطانهم، ولا شئ مما كانوا عليه [على ذلك جوار الله ورسوله أبدا] ما نصحوا وصلحوا فيما عليهم غير مثقلين بظلم ولا ظالمين.
أما قصة اضطهادهم على يد الملك الحميري مسروق أو ذي النواس.. فترويها بتفصيل الوثائق السريانية، لأن نجران كانت أسقفية تابعة للكنيسة السريانية الارثوذكسية، ففي القرن الرابع الميلادي ضمت نجران إلى إيبارشية أسقفية أنشئت في قطر وذلك طبقاً لتاريخ الكنيسة السريانية وفى القرن الرابع أنشأ عبد يشوع الناسك السريانى جنوبى قطر ديراً باسم مارتوما.

وفى أوائل 523م لم ينصع النجرانيون للتهديدات التي شنها عليهم “مسروق” الذى ملك اليمن عام 523م، وعندما فشل في تهديدهم وصل به الأمر أن قام بتعديبهم، غير أنهم لم يبالوا بذلك الاضطهاد قائلين: “إننا نؤمن بأنه حقاً الإله وابن الإله” متعزين من أقوال القديسين فيلوكسينوس المنبجى وماريعقوب السروجى.

أدخل اليهود عظام الشهداء للكنيسة وكوّموها في الوسط، ثم أدخلوا القسوس والشمامسة والنذراء والنذيرات والشبان والشابات وملأوا الكنيسة عن آخرها حتى بلغ عددهم ألفين، ثم جاءوا بالحطب ووضعوه حول الكنيسة وأضرموا فيه النار فأحرقت الكنيسة ومن فيها. 

بعد احتراق الكنيسة أحضر الملك الأعيان والأشراف الذين وقفوا أمامه مكبلين فسألهم: “لماذا تمرّدتم ولم تسلّموا المدينة واتكلّتم على ذلك الساحر المضل ابن الفجور (يقصد السيد المسيح)، وعلى هذا الشيخ الحارث بن كعب الذي صار لكم رئيسًا؟” ثم قام الملك فنزع ثياب الحارث وأوقفه عريانًا أمام شعبه، وطلب منه أن يكفر بالسيد المسيح وإلا أماته أشر ميتة. ولما رفض الحارث وكل الشعب المجتمعين، ورأى الملك أنه لا سبيل لكفرهم بالمسيح أمر أن يُساقوا إلى الوادي حيث تُقطع رؤوسهم وتلقى أشلاؤهم، وجثا الشيخ على ركبتيه، وقد أمسك به رفاقه يسندون يديه كموسى في قمة الجبل، فضربه القاتل وجز رأسه، وهكذا استشهدوا جميعًا. 

أما عن تعداد هذا الاضطهاد يذكر الطبري المؤرخ نقلًا عن ابن اسحق، أن ذا نواس قتل من أهل حمير وقبائل اليمن المسيحيين ما يقرب من عشرين ألفًا، ولكن الوثائق السريانية التي سجلت هذا الاضطهاد، تقول أن عدد الشهداء بلغ 4000 نفس من الإكليروس والعلمانيون والشبان والشابات والرجال والنساء والأطفال. وهؤلاء الشهداء هم الذين عناهم القرآن بأنهم أصحاب الأخدود وجاء ذكرهم في سورة البروج وقد سمّاهم مؤمنين. 

وقد نظم يوحنا بسطوس رئيس دير قنسرين نشيداً كنسياً بالسريانية عنوانه: «فى الشهداء الحميريين القديسين الذين استشهدوا فى نجران» 

ومن الشهيدات النجرانيات أليشبع والتى كانت شماسة وعذبها اليهود وعملوا شبه إكليل من الطين ووضعوه على رأسها مستهزئين قائلين: “اقبلى إكليلك يا شماسة ابن النجارين”، وقد لاقت صنوفاً من العذاب حتى استشهدت وتهنه الشهيدة وابنتها والشهيدة مانحة، والشهيدة روهوم بنت أزمع…وغيرهم.

قصة هؤلاء الشهداء موثقة في أرشيف الكنيسة السريانية في دمشق، وكانت من محفوظات الكنيسة السريانية في القدس.. وقد نشرها البطريرك يعقوب الثالث في كتاب طبع في دمشق عام 1966 بعنوان “الشهداء الحميريون العرب في الوثائق السريانية”.

للعلم فإن أبرهة أتى إلى اليمن بمباركة من بيزنطة وبتكليف من نجاشي الحبشة ليخلص المسيحيين من اضطهاد الملك ذي النواس الذي اهتزت له أركان العالم المسيحي في ذلك الوقت.

ُسئل حكيم عن طبيعة البشر !!


سُئل حكيم عن طبيعة البشر؟ فأجاب : البشر!!
يملّون من الطفولة ، يسارعون ليكبروا ، ثم يتوقون ليعودوا أطفالاً ثانيةً، يضيّعون صحتهم ليجمعوا المال، ثم يصرفون المال ليستعيدوا الصحة'، يفكرون بالمستقبل بقلق، وينسَون الحاضر، فلا يعيشون الحاضر ولا المستقبل، يعيشون كما لو أنهم لن يموتوا أبداً، و يموتون كما لو أنهم لم يعيشوا أبداً.

مرّت لحظات صمت .... ثم سُئل : وما هي دروس الحياة التي على البشر أن يتعلّموها ؟ فأجاب قائلاَ:
ليتعلّموا أنهم لا يستطيعون جَعل أحدٍٍ يحبهم، كل ما يستطيعون فعله ... هو جَعل أنفسهم محبوبين. ليتعلموا ألاّ يقارنوا أنفسهم مع الآخرين. ليتعلموا التسامح ويجرّبوا الغفران. ليتعلموا أنهم قد يسبّبون جروحاً عميقةً لمن يحبون في بضع دقائق فقط، لكن قد يحتاجون لمداواتهم سنوات ٍطويلة. ليتعلموا أن الإنسان الأغنى ليس من يملك الأكثر، بل هو من يحتاج الأقل. ليتعلموا أن هناك أشخاص يحبونهم جداً ولكنهم لم يتعلموا كيف يظهروا أو يعبروا عن شعورهم. ليتعلموا أن شخصين يمكن أن ينظرا إلى نفس الشيء و يَرَيَانِه بشكلٍ مختلف. ليتعلموا أنه لا يكفي أن يسامح أحدهم الآخر، لكن عليهم أن يسامحوا أنفسهم أيضاً.

خطبة البيان من أعظم الخطب للإمام علي عليه السلام

لما تولى الخلافة مولانا علي صلوات الله عليه أتى إلى البصرة، فرقى جامعها، وخطب الناس خطبة تذهل منها العقول، وتقشعر منها الجلود، فلما سمعوا منه ذلك أكثروا البكاء والنحيب وعلا الصراخ، قال: وكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد أسر إليه السر الخفي الذي بينه وبين الله عز وجل، فلأجل ذلك انتقل النور الذي كان في وجه رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى وجه علي بن أبي طالب «عليه السلام».قال: ومات النبي «صلى الله عليه وآله» في مرضه الذي أوصى فيه لعلي أمير المؤمنين «عليه السلام». وكان قد أوصى أمير المؤمنين «عليه السلام»: أن يخطب الناس خطبة البيان، فيها علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة.قال: فأقام أمير المؤمنين «عليه السلام» بعد موت النبي «صلى الله عليه وآله» صابرا على ظلم الأمة إلى أن قرب أجله، وحان وصاية النبي «صلى الله عليه وآله» بالخطبة التي تسمى خطبة البيان، فقام أمير المؤمنين «عليه السلام» بالبصرة ورقى المنبر، وهي آخر خطبة خطبها، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر  النبي «صلى الله عليه وآله»، فقال:أيها الناس، أنا وحبيبي محمد «صلى الله عليه وآله» كهاتين  وأشار بسبابته والوسطى  ولولا آية في كتاب الله لنبأتكم بما في السماوات والأرض وما في قعر هذا، فما يخفى علي منه شيء، ولا تعزب كلمة منه. وما أوحي إلي، بل هو علم علمنيه رسول الله «صلى الله عليه وآله».لقد أسر لي ألف مسألة، في كل مسألة ألف باب، وفي كل باب ألف نوع، فاسألوني قبل أن تفقدوني، اسألوني عما دون العرش أخبركم، ولولا أن يقول قائلكم: إن علي بن أبي طالب ساحر كما قيل في ابن عمي، لأخبرتكم بمواضع أحلامكم، وبما في غوامض الخزائن (المسائل)، ولأخبرتكم بما في قرار الأرض.وهذه هي خطبته التي خطب. وهي خطبة البيان:

النص الأول لخطبة البيان:
{بسم الله الرحمن الرحيم} الحمد لله بديع السماوات وفاطرها، وساطح المدحيات وقادرها، ومؤيد الجبال وساغرها، ومفجر العيون وباقرها، ومرسل الرياح وزاجرها، وناهي القواصف وآمرها، ومزين السماء وزاهرها، ومدبر الأفلاك ومسيرها، ومظهر البدور ونائرها، ومسخر السحاب وماطرها، ومقسم المنازل ومقدرها، [و] مدلج الحنادس وعاكرها، ومحدث الأجسام وقاهرها، ومنشئ السحاب ومسخرها، ومكور الدهور ومكررها، ومورد الأمور ومصدرها، وضامن الأرزاق ومدبرها، ومنشئ الرفات ومنشرها. أحمده على آلائه وتوافرها، وأشكره على نعمائه وتواترها، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، شهادة يؤدي الإسلام ذاكرها، ويؤمن من العذاب يوم الحساب ذاخرها، وأشهد أن محمدا عبده الخاتم لما سبق من الرسالة وفاخرها، ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها، أرسله إلى أمة قد شغل بعبادة الأوثان سايرها، واغتلطس بضلالة دعاة الصلبان ماهرها، وفخر بعمل الشيطان فاخرها، وهداها عن لسان قول العصيان طائرها، وألم بزخرف الجهالات والضلالات سوء ماكرها. فأبلغ رسول الله في النصيحة وساحرها، ومحا بالقرآن دعوة الشيطان ودامرها، وأرغم معاطس جهال العرب وأكابرها، حتى أصبحت دعوته بالحق ينطق ثامرها، واستقامت به دعوة العليا وطابت عناصرها.أيها الناس، سار المثل، وحقق العمل، وكثر الوجل، وقرب الأجل، ودنا الرحيل، ولم يبق من عمري إلا القليل، فاسألوني قبل أن تفقدوني.أيها الناس، أنا المخبر عن الكائنات، أنا مبين الآيات، أنا سفينة النجاة، أنا سر الخفيات، أنا صاحب البينات، أنا مفيض الفرات، أنا معرب التوراة، أنا المؤلف للشتات، أنا مظهر المعجزات، أنا مكلم الأموات، أنا مفرج الكربات، أنا محلل المشكلات، أنا مزيل الشبهات، أنا ضيغم الغزوات، أنا مزيل المهمات، أنا آية المختار، أنا حقيقة الأسرار، أنا الظاهر علي حيدر الكرار، أنا الوارث علم المختار، أنا مبيد الكفار، أنا أبو الأئمة الأطهار.أنا قمر السرطان، أنا شعر الزبرقان، أنا أسد الشرة، أنا سعد الزهرة، أنا مشتري الكواكب، أنا زحل الثواقب، أنا عين الشرطين، أنا عنق السبطين، أنا حمل الإكليل، أنا عطارد التعطيل، أنا قوس العراك، أنا فرقد السماك، أنا مريخ الفرقان، أنا عيون الميزان، أنا ذخيرة الشكور، أنا مصحح الزبور، أنا مؤول التأويل، أنا مصحف الإنجيل، أنا فصل الخطاب، أنا أم الكتاب، أنا منجد البررة، أنا صاحب البقرة، أنا مثقل الميزان، أنا صفوة آل عمران، أنا علم الأعلام، وأنا جملة الأنعام، أنا خامس الكساء، أنا تبيان النساء، أنا صاحب الأعراف، أنا مبيد الأسلاف، أنا مدير الكرم، أنا توبة الندم، أنا الصاد والميم، أنا سر إبراهيم، أنا محكم الرعد، أنا سعادة الجد، أنا علانية المعبود، أنا مستنبط هود، أنا نحلة الخليل، أنا آية بني إسرائيل، أنا مخاطب الكهف، أنا محبوب الصحف، أنا الطريق الأقوم، أنا موضح مريم، أنا السورة لمن تلاها، أنا تذكرة آل طه.أنا ولي الأصفياء، أنا الظاهر مع الأنبياء، أنا مكرر الفرقان، أنا آلاء الرحمن، أنا محكم الطواسين، أنا إمام آل ياسين، أنا حاء الحواميم، أنا قسم ألم، أنا سائق الزمر، أنا آية القمر، أنا راقب المرصاد، أنا ترجمة صاد، أنا صاحب الطور، أنا باطن السرور، أنا عتيد قاف، أنا قارع الأحقاف.أنا مرتب الصافات، أنا ساهم الذاريات، أنا سورة الواقعة، أنا العاديات والقارعة، أنا نون والقلم، أنا مصباح الظلم، أنا مؤلف، أنا مؤول القرآن، أنا مبين البيان، أنا صاحب الأديان، أنا ساقي العطشان، أنا عقد الإيمان، أنا قسيم الجنان، أنا كيوان الإمكان، أنا تبيان الامتحان، أنا الأمان من النيران، أنا حجة الله على الإنس والجان، أنا أبو الأئمة الأطهار، أنا أبو المهدي القائم في آخر الزمان.

الثقة قافله تحملك للأمام و ...

قال الإما­م علي بن ابي طالب عليه السلام:

النوم : سلطان لايرفض له أمر..
الجوع : كافر لا يرحم أحدا..
الهم : سيف بارد في الضلوع الدافئة..
الثقة : قافله تحملك للأمام..
السكوت : ذهب..
القناعة : كنز لا يفنى..
الحقد : اشتعال دون نار ولا دخان..
التشمت : مقدار نقص الثقة بالنفس..
الغرور : قباحة المنظر و المعشر..
الصدق : مفتاح لأقسى القلوب..
الظلم : ظلمات..
الخيانة : نهاية..
التسامح : بداية..
الصداقة : عملة نادر..
الخوف : كما الغرق في بركة دون ماء..
الشوق : دفء..
الأمانة : رسالة إنسانية..
الرحمة : من صفات الله التي أهداها البشر..
البخل : حفظ الممتلكات لللصوص..
الغضب : مفتاح الجنون..
الكراهية : فشل القلب..
التشاؤم : نقص الايمان بالله..
الصبر : مفتاح الفرج ..


مستحبات الأعمال حسب أيام الأسبوع

الإبداع البلاغي للإمام علي عليه السلام في قصيدة شعرية تبين ترتيب مستحبات الأعمال حسب أيام الأسبوع

لنعم اليوم يوم السبت حقا
لصيد إن أردت بلا امتراء

وفي الأحد البناء لأن فيه
تبدى الله في خلق السماء

وفي الإثنين إن سافرت فيه
ستظفر بالنجاح وبالثراء

ومن يرد الحجامة فالثلاثا
ففي ساعاته سفك الدماء

وإن شرب امرؤ يوما دواء
فنعم اليوم يوم الأربعاء

وفي يوم الخميس قضاء حاج
ففيه الله يأذن بالدعاء

وفي الجمعات تزويج وعرس
ولذات الرجال مع النساء

وهذا العلم لا يعلمه إلا
نبي أو وصي الأنبياء

حكم وأقوال للامام علي في صفحة 🍃


[ حكم وأقوال الامام علي عليه السلام 👍]





الفتاة الي إختطفها الجآن


حدثني الشعبي أن زياد بن النضر الحارثي ، حدثه ، قال : كنا على غدير لنا في الجاهلية ، ومعنا رجل من الحي يقال له : عمرو بن مالك ، معه بنية له شابة ، على ظهرها ذؤابة ، فقال لها أبوها : خذي هذه الصحيفة ، وائت الغدير ، فجيئينا بشيء من مائه ، فانطلقت ، فواقفها عليه جان فاختطفها ، فذهب بها ، فلما فقدناها نادى أبوها في الحي ، فخرجنا على كل صعب وذلول ، وقصدنا كل شعب ونقب ، فلم نجد لها أثرا ، ومضت على ذلك السنون ، حتى كان زمن عمر بن الخطاب ، فإذا هي قد جاءت ، وقد عفا شعرها وأظفارها ، وتغيرت حالها ، فقال لها أبوها : أي بنية ، أين كنت ؟ وقام إليها يقبلها ، ويشم ريحها ، فقالت : يا أبة ، أتذكر ليلة الغدير ؟ قال : نعم ، قالت : فإنه وافقني عليه جان فاختطفني ، فذهب بي ، فلم أزل فيهم حتى إذا كان الآن غزا هو وأهله قوما مشركين ، أو غزاهم قوم مشركون ، فجعل لله عليه نذرا إن هم ظفروا بعدوهم أن يعتقني ويردني إلى أهلي فظفروا ، فحملني فأصبحت عندكم ، وقد جعل بيني وبينه إمارة ، إن احتجت إليه أن أولول بصوتي ، فإنه يحضرني ، قال : فأخذ أبوها من شعرها ، وأظفارها ، وأصلح من شأنها ، وزوجها رجلا من أهله ، فوقع بينها وبينه ذات يوم ما يقع بين المرأة وبعلها ، فعيرها ، وقال : يا مجنونة ، والله إن نشأت إلا في الجن ، فصاحت وولولت بأعلى صوتها ، فإذا هاتف يهتف : يا معشر بني الحارث ، اجتمعوا وكونوا حيا كراما فاجتمعنا ، فقلنا : ما أنت يرحمك الله ؟ فإنا نسمع صوتا ، ولا نرى شخصا ، فقال : أنا راب فلانة ، رعيتها في الجاهلية بحسبي ، وصنتها في الإسلام بديني ، والله إن نلت منها محرما قط ، واستغاثت في هذا الوقت ، فحضرت فسألتها عن أمرها ، فزعمت أن زوجها عيرها بأن كانت فينا ، ووالله لو كنت تقدمت إليه لفقأت عينه ، قال : فقلنا : يا عبد الله ، لك الحباء والجزاء والمكافأة ، فقال : ذاك إليه ، يعني : الزوج ، قال : فقامت إليه عجوز من الحي ، فقالت : أسألك عن شيء ، قال : سلي ، قالت : إن لي بنية عروسا ، أصابتها أحصبة ، فتمزق رأسها ، وقد أخذتها حمى الربع ، فهل لها من دواء ؟ قال : نعم ، اعهدي إلى ذباب الماء الطويل القوائم ، الذي يكون على أفواه الأنهار ، فخذي منها واحدة ، فاجعليه في سبعة ألوان ، عهن من أصفرها ، وأحمرها ، وأخضرها ، وأسودها ، وأبيضها ، وأكحلها ، وأزرقها ، ثم أفتلي ذلك الصوف بأطراف أصابعك ، ثم اعقديه على عضدها اليسرى ، ففعلت أمها ذلك ، فكأنما نشطت من عقال . .

إقتباسات للإمام علي عليه السلام ” “


 إقتباسات متنوعة لامير المؤمنين
علي عليه السلام


الحمد لله الذي لايبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون ...

الأرض لآتنسى جباه الساجدين والليل لاينسى...

ما هو الواجب ، وما هو الأوجب؟ وما هو ...

أتى يهودي الى الامام علي فقال ...

‏خمس يعرفن بخمس، الشجرة تعرف من ثمارها و...

دع الحرص على الدنيا وفي...

لا تشكي من الايام فليس...

وصايا الامام لخاصتة والمؤمنين ...

و للمرء أربع ساعات، ساعة يحاسب فيها...

إياكم ومعاداة الرجال فانهم...

ما أعظم جنود الله ؟...

أمور تورث الفقر للعبد ...

قصة سيدنا سليمان عليه السلام

قصة سيدنا سليمان عليه السلام

آتاه الله العلم والحكمة وعلمه منطق الطير والحيوانات وسخر له الرياح والجن، وكان له قصة مع الهدهد حيث أخبره أن هناك مملكة باليمن يعبد أهلها الشمس من دون الله فبعث سليمان إلى ملكة سبأ يطلب منها الإيمان ولكنها أرسلت له الهدايا فطلب من الجن أن يأتوا بعرشها فلما جاءت ووجدت عرشها آمنت بالله.

سيرته عليه السلام :
(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) ورثه في النبوة والملك.. ليس المقصود وراثته في المال، لأن الأنبياء لا يورثون. إنما تكون أموالهم صدقة من بعدهم للفقراء والمحتاجين، لا يخصون بها أقربائهم. قال محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: "نحن معشر الأنبياء لا نورث".

ملك سليمان:
لقد آتى الله سليمان –عليه السلام- ملكا عظيما، لم يؤته أحدا من قبله، ولن يعطه لأحد من بعده إلى يوم القيامة. فقد استجاب الله تعالى لدعوة سليمان (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي). لنتحدث الآن عن بعض الأمور التي سخرها الله لنبيه سليمان عليه السلام. لقد سخر له أمرا لم يسخره لأحد من قبله ولا بعده.. سخر الله له "الجن". فكان لديه –عليه السلام- القدرة على حبس الجن الذين لا يطيعون أمره، وتقييدهم بالسلاسل وتعذيبهم. ومن يعص سليمان يعذبه الله تعالى. لذلك كانوا يستجيبون لأوامره، فيبنون له القصور، والتماثيل –التي كانت مباحة في شرعهم- والأواني والقدور الضخمة جدا، فلا يمكن تحريكها من ضخامتها. وكانت تغوص له في أعماق البحار وتستخرج اللؤلؤ والمرجان والياقوت..
وسخر الله لسليمان –عليه السلام- الريح فكانت تجري بأمره. لذلك كان يستخدمها سليمان في الحرب. فكان لديه بساطا خشبيا ضخم جدا، وكان يأمر الجيش بأن يركب على هذا الخشب، ويأمر الريح بأن ترفع البساط وتنقلهم للمكان المطلوب. فكان يصل في سرعة خارقة.

ومن نعم الله عليه، إسالة النحاس له. مثلما أنعم على والده داود بأن ألان له الحديد وعلمه كيف يصهره.. وقد استفاد سليمان من النحاس المذاب فائدة عظيمة في الحرب والسلم. ونختم هذه النعم بجيش سليمان عليه السلام. كان جيشه مكون من: البشر، والجن، والطيور. فكان يعرف لغتها.

سليمان والخيل:
كان سليمان –عليه السلام- يحب الخيل كثيرا، خصوصا ما يسمى (بالصافنات)، وهي من أجود أنواع الخيول وأسرعها. وفي يوم من الأيام، بدأ استعراض هذه الخيول أمام سليمان عصرا، وتذكر بعد الروايات أن عددها كان أكثر من عشرين ألف جواد، فأخذ ينظر إليها ويتأمل فيها، فطال الاستعراض، فشغله عن ورده اليومي في ذكر الله تعالى، حتى غابت الشمس، فانتبه، وأنب نفسه لأن حبه لهذه الخيول شغله عن ذكر ربه حتى غابت الشمس، فأمر بإرجاع الخيول له (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ). وجاءت هنا روايتان كلاهما قوي. رواية تقول أنه أخذ السيف وبدأ بضربها على رقابها وأرجلها، حتى لا ينشغل بها عن ذكر الله. ورواية أخرى تقول أنه كان يمسح عليها ويستغفر الله عز وجل، فكان يمسحها ليرى السقيم منها من الصحيح لأنه كان يعدّها للجهاد في سبيل الله.

ابتلاء سليمان:
ورغم كل هذه النعم العظيمة والمنح الخاصة، فقد فتن الله تعالى سليمان.. اختبره وامتحنه، والفتنة امتحان دائم، وكلما كان العبد عظيما كان امتحانه عظيما. اختلف المفسرون في فتنة سليمان عليه السلام. ولعل أشهر رواية عن هذه الفتنة هي نفسها أكذب رواية.. قيل إن سليمان عزم على الطواف على نسائه السبعمائة في ليلة واحدة، وممارسة الحب معهن حتى تلد كل امرأة منهن ولدا يجاهد في سبيل الله، ولم يقل سليمان إن شاء الله، فطاف على نسائه فلم تلد منهن غير امرأة واحدة.. ولدت طفلا مشوها ألقوه على كرسيه.. والقصة مختلقة من بدايتها لنهايتها، وهي من الإسرائيليات الخرافية. وحقيقة هذه الفتنة ما ذكره الفخر الرازي. قال: إن سليمان ابتلي بمرض شديد حار فيه الطب. مرض سليمان مرضا شديدا حار فيه أطباء الإنس والجن.. وأحضرت له الطيور أعشابا طبية من أطراف الأرض فلم يشف، وكل يوم كان المرض يزيد عليه حتى أصبح سليمان إذا جلس على كرسيه كأنه جسد بلا روح.. كأنه ميت من كثرة الإعياء والمرض.. واستمر هذا المرض فترة كان سليمان فيها لا يتوقف عن ذكر الله وطلب الشفاء منه واستغفاره وحبه.. وانتهى امتحان الله تعالى لعبده سليمان، وشفي سليمان.. عادت إليه صحته بعد أن عرف أن كل مجده وكل ملكه وكل عظمته لا تستطيع أن تحمل إليه الشفاء إلا إذا أراد الله سبحانه.. هذا هو الرأي الذي نرتاح إليه، ونراه لائقا بعصمة نبي حكيم وكريم كسليمان..

ويذكر لنا القرآن الكريم مواقف عدة، تتجلى لنا فيها حكمة سليمان –عليه السلام- ومقدرته الفائقة على استنتاج الحكم الصحيح في القضايا المعروضه عليه. ومن هذه القصص ما حدث في زمن داود –عليه السلام- قال تعالى:
وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا

جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر.. وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض.. قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟ قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي.. قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته. قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي.. قال داود: قله يا سليمان..قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه.. قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة. ومنها ما جاء في الحديث الصحيح: حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى شَبَابَةُ حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ . وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ . فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا . فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا . فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى ». قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ.

سليمان والنملة:
قال تعالى: وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَـتَّى إِذا أتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) (النمل)
يقول العلماء "ما أعقلها من نملة وما أفصحها". (يَا) نادت، (أَيُّهَا) نبّهت، (ادْخُلُوا) أمرت، (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) نهت، (سُلَيْمَانُ) خصّت، (وَجُنُودُهُ) عمّت، (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) اعتذرت. سمع سليمان كلام النملة فتبسم ضاحكا من قولها.. ما الذي تتصوره هذه النملة! رغم كل عظمته وجيشه فإنه رحيم بالنمل.. يسمع همسه وينظر دائما أمامه ولا يمكن أبدا أن يدوسه.. وكان سليمان يشكر الله أن منحه هذه النعمة.. نعمة الرحمة ونعمة الحنو والشفقة والرفق.

قصة سليمان والنملة:
‏​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​​ذكروا أن سليمان عليه السلام كان جالساً على شاطيء بحر , فبصر بنملة تحمل حبة قمح تذهب بها نحو البحر , فجعل سليمان عليه السلام ينظر إليها حتى بلغت الماء فإذا بضفدعة قد أخرجت رأسها من الماء ففتحت فمها , فدخلت النملة وغاصت الضفدعة في البحر ساعة طويلة وسليمان يتفكر في ذلك متعجباً. ثم أنها خرجت من الماء وفتحت فمها فخرجت النملة ولم يكن معها الحبة. فدعاها سليمان عليه السلام وسألها وشأنها وأين كانت ؟ فقالت : يا نبي الله إن في قعر البحر الذي تراه صخرة مجوفة وفي جوفها دودة عمياء وقد خلقها الله تعالى هنالك , فلا تقدرأن تخرج منها لطلب معاشها , وقد وكلني الله برزقها فأنا أحمل رزقها وسخرالله تعالى هذه الضفدعة لتحملني فلا يضرني الماء في فمها , وتضع فمها على ثقب الصخرة وأدخلها , ثم إذا أوصلت رزقها إليها وخرجت من ثقب الصخرة إلى فمها فتخرجني من البحر. فقال سليمان عليه السلام : وهل سمعت لها من تسبيحة ؟ قالت نعم , إنها تقول: (يا من لا تنساني في جوف هذه الصخرة تحت هذه اللجة، برزقك، لا تنس عبادك المؤمنين برحمتك).

إن من لا ينسى دودة عمياء في جوف صخرة صمّاء، تحت مياه ظلماء، كيف ينسى الإنسان؟
فعلى الإنسان أن لا يتكاسل عن طلب رزقه أو يتذمر من تأخر وصوله فالله الذي خلق الانسان أدرى بما هو أصلح لحاله وكفيل بأن يرزقه من عنده سبحانه.

سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ:
جاء يوم.. وأصدر سليمان أمره لجيشه أن يستعد.. بعدها، خرج سليمان يتفقد الجيش، ويستعرضه ويفتش عليه.. فاكتشف غياب الهدهد وتخلفه عن الوقوف مع الجيش، فغضب وقرر تعذيبه أو قتله، إلا إن كان لديه عذر قوي منعه من القدوم. فجاء الهدهد ووقف على مسافة غير بعيدة عن سليمان –عليه السلام- (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) وانظروا كيف يخاطب هذا الهدهد أعظم ملك في الأرض، بلا إحساس بالذل أو المهانة، ليس كما يفعل ملوك اليوم لا يتكلم معهم أحد إلا ويجب أن تكون علامات الذل ظاهرة عليه. فقال الهدهد أن أعلم منك بقضية معينة، فجئت بأخبار أكيدة من مدينة سبأ باليمن. (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً) بلقيس (تَمْلِكُهُمْ) تحكمهم (وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ) أعطاها الله قوة وملكا عظيمين وسخّر لها أشياء كثيرة (وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) وكرسي الحكم ضخم جدا ومرصّع بالجواهر (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ) وهم يعبدون الشمس (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ) أضلهم الشيطان (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) يسجدون للشمس ويتركون الله سبحانه وتعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) وذكر العرش هنا لأنه ذكر عرش بلقيس من قبل، فحتى لا يغترّ إنسان بعرشها ذكر عرش الله سبحانه وتعالى. فتعجب سليمان من كلام الهدهد، فلم يكن شائعا أن تحكم المرأة البلاد، وتعجب من أن قوما لديهم كل شيء ويسجدون للشمس، وتعجب من عرشها العظيم، فلم يصدق الهدهد ولم يكذبه إنما (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) وهذا منتهى العدل والحكمة. ثم كتب كتابا وأعطاه للهدهد وقال له: (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) ألق الكتاب عليهم وقف في مكان بعيد يحث تستطيع سماع ردهم على الكتاب.
يختصر السياق القرآني في سورة النمل ما كان من أمر ذهاب الهدهد وتسليمه الرسالة، وينتقل مباشرة إلى الملكة، وسط مجلس المستشارين، وهي تقرأ على رؤساء قومها ووزرائها رسالة سليمان..
قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) (النمل)

خطاب الملك سليمان لملكة سبأ..
إنه يأمر في خطابه أن يأتوه مسلمين.. هكذا مباشرة.. إنه يتجاوز أمر عبادتهم للشمس.. ولا يناقشهم في فساد عقيدتهم.. ولا يحاول إقناعهم بشيء.. إنما يأمر فحسب.. أليس مؤيدا بقوة تسند الحق الذي يؤمن به..؟ لا عليه إذن أن يأمرهم بالتسليم.. كان هذا كله واضحا من لهجة الخطاب القصيرة المتعالية المهذبة في نفس الوقت.. طرحت الملكة على رؤساء قومها الرسالة.. وكانت عاقلة تشاورهم في جميع الأمور: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ). 
كان رد فعل الملأ وهم رؤساء قومها التحدي.. أثارت الرسالة بلهجتها المتعالية المهذبة غرور القوم، وإحساسهم بالقوة، أدركوا أن هناك من يتحداهم ويلوح لهم بالحرب والهزيمة ويطالبهم بقبول شروطه قبل وقوع الحرب والهزيمة (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ).
أراد رؤساء قومها أن يقولوا: نحن على استعداد للحرب.. ويبدو أن الملكة كانت أكثر حكمة من رؤساء قومها.. فإن رسالة سليمان أثارت تفكيرها أكثر مما استنفرتها للحرب.. فكرت الملكة طويلا في رسالة سليمان.. كان اسمه مجهولا لديها، لم تسمع به من قبل، وبالتالي كانت تجهل كل شيء عن قوته، ربما يكون قويا إلى الحد الذي يستطيع فيه غزو مملكتها وهزيمتها. ونظرت الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه، وخشيت على هذا الثراء والتقدم من الغزو.. ورجحت الحكمة في نفسها على التهور، وقررت أن تلجأ إلى اللين، وترسل إليه بهدية.. وقدرت في نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراء المملكة، فحدثت نفسها بأن تهادنه وتشتري السلام منه بهدية.. قدرت في نفسها أيضا إن إرسالها بهدية إليه، سيمكن رسلها الذين يحملون الهدية من دخول مملكته، وإذا سيكون رسلها عيونا في مملكته.. يرجعون بأخبار قومه وجيشه، وفي ضوء هذه المعلومات، سيكون تقدير موقفها الحقيقي منه ممكنا.. أخفت الملكة ما يدور في نفسها، وحدثت رؤساء قومها بأنها ترى استكشاف نيات الملك سليمان، عن طريق إرسال هدية إليه، انتصرت الملكة للرأي الذي يقضي بالانتظار والترقب.. وأقنعت رؤساء قومها بنبذ فكرة الحرب مؤقتا، لأن الملوك إذا دخلوا قرية انقلبت أوضاعها وصار رؤساءها هم أكثر من فيها تعرضا للهوان والذل.. واقتنع رؤساء قومها حين لوحت الملكة بما يتهددهم من أخطار..   
وصلت هدية الملكة بلقيس إلى الملك النبي سليمان.. وجاءت الأخبار لسليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون الهدية.. وأدرك سليمان على الفور أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن قوته لتقرر موقفها بشأنه.. ونادى سليمان في المملكة كلها أن يحتشد الجيش.. ودخل رسل بلقيس وسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح.. فوجئ رسل بلقيس بأن كل غناهم وثرائهم يبدو وسط بهاء مملكة سليمان.. وصغرت هديتهم في أعينهم. وفوجئوا بأن في الجيش أسودا ونمورا وطيورا.. وأدركوا أنهم أمام جيش لا يقاوم.. ثم قدموا لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياء شديد. وقالوا له نحن نرفض الخضوع لك، لكننا لا نريد القتال، وهذه الهدية علامة صلح بيننا ونتمنى أن تقبلها. نظر سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره (فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) كشف الملك سليمان بكلماته القصيرة عن رفضه لهديتهم، وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاه بالمال. يستطيعون شراء رضاه بشيء آخر (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ثم هددهم (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ).
وصل رسل بلقيس إلى سبأ.. وهناك هرعوا إلى الملكة وحدثوها أن بلادهم في خطر.. حدثوها عن قوة سليمان واستحالة صد جيشه.. أفهموها أنها ينبغي أن تزوره وتترضاه.. وجهزت الملكة نفسها وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان.. جلس سليمان في مجلس الملك وسط رؤساء قومه ووزرائه وقادة جنده وعلمائه.. كان يفكر في بلقيس.. يعرف أنها في الطريق إليه.. تسوقها الرهبة لا الرغبة.. ويدفعها الخوف لا الاقتناع.. ويقرر سليمان بينه وبين نفسه أن يبهرها بقوته، فيدفعها ذلك للدخول في الإسلام. فسأل من حوله، إن كان بإمكان احدهم ان يحضر له عرش بلقيس قبل أن تصل الملكة لسليمان. فعرش الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها.. كان مصنوعا من الذهب والجواهر الكريمة، وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة والسبك.. وكانت الحراسة لا تغفل عن العرش لحظة..  فقال أحد الجن أنا أستطيع إحضار العرش قبل أن ينتهي المجلس –وكان عليه السلام يجلس من الفجر إلى الظهر- وأنا قادر على حمله وأمين على جواهره. لكن شخص آخر يطلق عليه القرآن الكريم "الذي عنده علم الكتاب" قال لسليمان أنا أستطيع إحضار العرش في الوقت الذي تستغرقه العين في الرمشة الواحدة. واختلف العلماء في "الذي عنده علم الكتاب" فمنهم من قال أنه وزيره أو أحد علماء بني إسرائيل وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب. ومنهم من قال أنه جبريل عليه السلام.
لكن السياق القرآني ترك الاسم وحقيقة الكتاب غارقين في غموض كثيف مقصود.. نحن أمام سر معجزة كبرى وقعت من واحد كان يجلس في مجلس سليمان.. والأصل أن الله يظهر معجزاته فحسب، أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يديره إلا الله.. وهكذا يورد السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة، وهي قدرة يؤكدها وجود هذا العالم في مجلسه. هذا هو العرش ماثل أمام سليمان.. تأمل تصرف سليمان بعد هذه المعجزة.. لم يستخفه الفرح بقدرته، ولم يزهه الشعور بقوته، وإنما أرجع الفضل لمالك الملك.. وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة، ليرى أيشكر أم يكفر. تأمل سليمان عرش الملكة طويلا ثم أمر بتغييره، أمر بإجراء بعض التعديلات عليه، ليمتحن بلقيس حين تأتي، ويرى هل تهتدي إلى عرشها أم تكون من الذين لا يهتدون. كما أمر سليمان ببناء قصر يستقبل فيه بلقيس. واختار مكانا رائعا على البحر وأمر ببناء القصر بحيث يقع معظمه على مياه البحر، وأمر أن تصنع أرضية القصر من زجاج شديد الصلابة، وعظيم الشفافية في نفس الوقت، لكي يسير السائر في أرض القصر ويتأمل تحته الأسماك الملونة وهي تسبح، ويرى أعشاب البحر وهي تتحرك. تم بناء القصر، ومن فرط نقاء الزجاج الذي صنعت منه أرض حجراته، لم يكن يبدو أن هناك زجاجا. تلاشت أرضية القصر في البحر وصارت ستارا زجاجيا خفيا فوقه.
يتجاوز السياق القرآني استقبال سليمان لها إلى موقفين وقعا لها بتدبيره: الأول موقفها أمام عرشها الذي سبقها بالمجيء، وقد تركته وراءها وعليه الحراس. والثاني موقفها أمام أرضية القصر البلورية الشفافة التي تسبح تحتها الأسماك. لما اصطحب سليمان عليه السلام بلقيس إلى العرش، نظرت إليه فرأته كعرشها تماما.. وليس كعرشها تماما.. إذا كان عرشها فكيف سبقها في المجيء..؟ وإذا لم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده بهذه الدقة ..؟ قال سليمان وهو يراها تتأمل العرش: (أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟) قالت بلقيس بعد حيرة قصيرة: (كَأَنَّهُ هُوَ!) قال سليمان: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ). توحي عبارته الأخيرة إلى الملكة بلقيس أن تقارن بين عقيدتها وعلمها، وعقيدة سليمان المسلمة وحكمته. إن عبادتها للشمس، ومبلغ العلم الذي هم عليه، يصابان بالخسوف الكلي أمام علم سليمان وإسلامه. لقد سبقها سليمان إلى العلم بالإسلام، بعدها سار من السهل عليه أن يسبقها في العلوم الأخرى، هذا ما توحي به كلمة سليمان لبلقيس.. أدركت بلقيس أن هذا هو عرشها، لقد سبقها إلى المجيء، وأنكرت فيه أجزاء وهي لم تزل تقطع الطريق لسليمان.. أي قدرة يملكها هذا النبي الملك سليمان؟! انبهرت بلقيس بما شاهدته من إيمان سليمان وصلاته لله، مثلما انبهرت بما رأته من تقدمه في الصناعات والفنون والعلوم.. وأدهشها أكثر هذا الاتصال العميق بين إسلام سليمان وعلمه وحكمته. انتهى الأمر واهتزت داخل عقلها آلاف الأشياء.. رأت عقيدة قومها تتهاوى هنا أمام سليمان، وأدركت أن الشمس التي يعبدها قومها ليست غير مخلوق خلقه الله تعالى وسخره لعباده، وانكسفت الشمس للمرة الأولى في قلبها، أضاء القلب نور جديد لا يغرب مثلما تغرب الشمس. ثم قيل لبلقيس ادخلي القصر.. فلما نظرت لم تر الزجاج، ورأت المياه، وحسبت أنها ستخوض البحر، (وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا) حتى لا يبتل رداؤها. نبهها سليمان -دون أن ينظر- ألا تخاف على ثيابها من البلل. ليست هناك مياه. (إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ).. إنه زجاج ناعم لا يظهر من فرط نعومته.. اختارت بلقيس هذه اللحظة لإعلان إسلامها.. اعترفت بظلمها لنفسها وأسلمت (مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). وتبعها قومها على الإسلام. أدركت أنها تواجه أعظم ملوك الأرض، وأحد أنبياء الله الكرام.
يسكت السياق القرآني عن قصة بلقيس بعد إسلامها.. ويقول المفسرون أنها تزوجت سليمان بعد ذلك.. ويقال أنها تزوجت أحد رجاله.. أحبته وتزوجته، وثبت أن بعض ملوك الحبشة من نسل هذا الزواج.. ونحن لا ندري حقيقة هذا كله.. لقد سكت القرآن الكريم عن ذكر هذه التفاصيل التي لا تخدم قصه سليمان.. ولا نرى نحن داعيا للخوض فيما لا يعرف أحد..

هيكل سليمان:
من الأعمال التي قام بها سليمان –عليه السلام- إعادة بناء المسجد الأقصى الذي بناه يعقوب من قبل. وبنى بجانب المسجد الأقصى هيكلا عظيما كان مقدسا عند اليهود –ولا زالوا يبحثون عنه إلى اليوم. وقد ورد في الهدي النبوي الكريم أن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل ثلاثا، فأعطاه الله اثنتين ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة: سأله حكما يصادف حكمه –أي أحكاما عادلة كأحكام الله تعالى- فأعطاه إياه، وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، وأسأل الله أن تكون لنا. وقد تفننت التوراة في وصف الهيكل.. وهذا بعض ما ورد في التوراة عنه: كان هيكل سليمان في أورشليم هو مركز العبادة اليهودية، ورمز تاريخ اليهود، وموضع فخارهم وزهوهم.. وقد شيده الملك سليمان وأنفق ببذخ عظيم على بنائه وزخرفته.. حتى لقد احتاج في ذلك إلى أكثر من 180 ألف عامل (سفر الملوك الأول).. وقد أتى له سليمان بالذهب من ترشيش، وبالخشب من لبنان، وبالأحجار الكريمة من اليمن، ثم بعد سبع سنوات من العمل المتواصل تكامل بناء الهيكل، فكان آية من آيات الدنيا في ذلك الزمان. وامتدت يد الخراب إلى الهيكل مرات عديدة، إذ كان هدفا دائما للغزاة والطامعين ينهبون ما به من كنوز، ثم يشيعون فيه الدمار، (سفر الملوك الثاني).. ثم قام أحد الملوك بتجديد بنائه تحببا في اليهود.. فاستغرق بناء الهيكل هذه المرة 46 سنة، أصبح بعدها صرحا ضخما تحيط به ثلاثة أسوار هائلة.. وكان مكونا من ساحتين كبيرتين: إحداهما خارجية والأخرى داخلية، وكانت تحيط بالساحة الداخلية أروقة شامخة تقوم على أعمدة مزدوجة من الرخام، وتغطيها سقوف من خشب الأرز الثمين. وكانت الأروقة القائمة في الجهة الجنوبية من الهيكل ترتكز على 162 عمودا، كل منها من الضخامة بحيث لا يمكن لأقل من ثلاثة رجال متشابكي الأذرع أن يحيطوا بدائرته.. وكان للساحة الخارجية من الهيكل تسع بوابات ضخمة مغطاة بالذهب.. وبوابة عاشرة مصبوبة كلها على الرغم من حجمها الهائل من نحاس كونثوس. وقد تدلت فوق تلك البوابات كلها زخارف على شكل عناقيد العنب الكبيرة المصنوعة من الذهب الخالص، وقد استمرت هدايا الملوك للهيكل حتى آخر زمانه (سفر الملوك الأول)، فكان يزخر بالكنوز التي لا تقدر بثمن..

وفاته عليه السلام:
عاش سليمان وسط مجد دانت له فيه الأرض.. ثم قدر الله تعالى عليه الموت فمات.. ومثلما كانت حياة سليمان قمة في المجد الذي يمتلئ بالعجائب والخوارق.. كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق.. وهكذا جاء موته منسجما مع حياته، متسقا مع مجده، جاء نهاية فريدة لحياة فريدة وحافلة. لقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام بشكل ينسف فكرة معرفة الجن للغيب.. تلك الفكرة التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهان بعض البشر والجن.. كان الجن يعملون لسليمان طالما هو حي.. فلما مات انكسر تسخيرهم له، وأعفوا من تبعة العمل معه.. وقد مات سليمان دون أن يعلم الجن، فظلوا يعملون له، وظلوا مسخرين لخدمته، ولو أنهم كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين. كان سليمان متكئا على عصاه يراقب الجن وهم يعملون. فمات وهو على وضعه متكئا على العصا.. ورآه الجن فظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم. ومرت أيام طويلة.. ثم جاءت دابة الأرض، وهي نملة تأكل الخشب.. وبدأت تأكل عصا سليمان.. كانت جائعة فأكلت جزء من العصا.. استمرت النملة تأكل العصا أياما.. كانت تأكل الجزء الملامس للأرض، فلما ازداد ما أكلته منها اختلت العصا وسقطت من يد سليمان.. اختل بعدها توازن الجسد العظيم فهوى إلى الأرض.. ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه.. أدركوا أنه مات من زمن.. تبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب.. وعرف الناس هذه الحقيقة أيضا.. لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، ما لبثوا يعملون وهم يظنون أن سليمان حي، بينما هو ميت منذ فترة..

بهذه النهاية العجيبة ختم الله حياة هذا النبي الملك.

تعديل