أفعى نجران

أفعى نجران

هو القلمس بن عمرو بن قطن بن همدان، الملقب بـ أفعى نجران، وهو احد دعاة نبي الله سليمان بن داؤد في مدينة نجران، آمن بنبوته وصح اسلامه.




إيمانه بالنبي سليمان عليه السلام
سار سليمان بن داود من مكة نحو أرض اليمن حتى نزل بنجران على القلمس بن عمرو - وهو أفعى نجران - عامل الملكة بلقيس على نجران والمشلل إلى البحرين وما والاهما من البلدان. وكان القلمس أفعى نجران أحكم العرب في وقته كان حكيماً بما يظهر للناس في وقته وبما بطن عنهم - فلما رأى طوالع عساكر سليمان طلعت، فتواضع وذل وقال: تواضع وذلة تحت عز وسلطنة أن هذا شأن سماوي، وإن القلمس أفعى نجران جمع أهل نجران وهي دار العلم وقال: يا أهل نجران أنتم أهل العلم الأول هل عندكم من هذا العلم؟ قالوا له: ما لم يكن عندك يا سيدنا وأنت جهبذ العالم فيكون عندنا، قال لم: إني البس لهم مسا وباءة وأسير إليهم بثلاث: بكهانة وطب وحكمه، فإن كان فيهم نبي لم يحتاجوا إلى طبي وكمتي لأن فيم طبا أبلغ من طبي ولا يسمعون من حكمتي لأن فيهم من حكمة الوحي أحيا من حكمتي ولا يلتفتون إلى كهانتي، لأن فيهم من علم الوحي أصدق من كهانتي، فلبس القلمس المسح - وكان أول من لبس المسح يعقوب النبي تواضعاً لله - وحرم الشحوم لي نفس ويعقوب هو إسرائيل ولي الله باللسان السرياني ومعنى أسرا ولي وايل الله وجبرائيل رسول الله جبرا رسول وايل الله وعزارائيل عبداً لله عزرا عبد وايل الله وميكائيل صفي الله ميكا صفي وايل الله فسار الملك القلمس بن عمرو حتى دخل عساكر سليمان فتعرضهم بالكهانة فلم يسألوه وعرض الحكمة فلم يلتفتوا إليه وعرض الطب فلم يسمعوا منه فتركهم ومضى إلى سليمان فرأى الريح تقله والطير تظله فرأى ملكاً عجيباً، فدنا من سليمان فقال سليمان: يا آصف - وكان آصف كاتب سليمان - سبحان قاصف الجبابرة ذلك عميد نجران المبتكر ادعه فقال له آصف: هلم الرجل؟، فلما وقف بين يدي سليمان سبح سليمان فسبحت الجبال فقال أفعى نجران: بطلت حكمتي ثم نظر إلى البقل بين يدي سليمان فكل بقلة تقول له: يا نبي الله اسمي كذا ذا لكذا فقال أفعى نجران: بطل طبي ثم قال لسليمان: إن هذا عميد نجران له من الأمر أمران بين ضلال وبيان، فآمن أفعى نجران وصدق بما أتى به سليمان.

ورجع أفعى نجران إلى قومه فقالوا: ما رأيت؟ قال: يا قوم {الرائد لا يكذب أهله} فأرسلها مثلاً ولم يظهر لهم إنه أجاب سليمان إلى ما دعا إليه اتقاهم عن إيمانه، ثم بعث إلى بلقيس يخبرها بخبر سليمان وكتمها إيمانه وكتب إليها، فقال لها: إني رأيت قوماً لبسوا الذل تحت العز والفاقة تحت الغنى والصبر تحت القدرة ينصرون بلا حرب ويقدرون بلا استطالة فكتبت إليه بلقيس: تفعل الملوك ذلك يستميلون أهواء العالم حتى يقدروا فإذا قدروا عزوا فبزوا ولكن لا تحاربهم ودعهم فليس كل الناس صائناً لنفسه، فإن سرقوا فليسوا بأهل دين، فخلى أفعى نجران بينهم وبين الزرع فلم يأكلوا منه سنبلة، فأرسل إلى بلقيس أعلمها فكتبت إليه: أن ادفع إليهم الخف والظلف ففعل فلم يأخذوا منه شيئاً ورجعت إليه كما سارت، فأعلم بذلك بلقيس. فأرسلت إليه: ادفع إليهم الخيل ذكوراً إناثاً، ففعل فلم يأخذوا شيئاً ورجعوا على حالهم. فبعثت إليه أن ابعث إليهم بجارية حسناء وأعطها شيئاً تطوف به على عساكرهم حتى تغمر بها فأرسل أفعى نجران ابنته، ولم يكن في وقتها أجمل منها، فطافت في جميع عساكر سليمان، فكانوا يساومونها ولا يرفع إليها رأسه أحد حتى انتهت إلى سليمان فنظر إلى مال في يدها ولم ينظر إليها فرجعت وأعلمت بذلك أباها فكتب بها إلى بلقيس، فكتبت إليه: كف ومل إلى سلمه ولا تعرض أجنادنا إلى أمر الله فإن الله لا يغالب.

رثاء القلمس بعد وفاة النبي سليمان عليه السلام:
بعد وفاة سليمان عليه السلام قام القلمس بن عمرو خطيباً في أهل نجران ومؤمنوها فقال: أيها الناس إن الدهر أنذركم والموت أدبكم فهل تجدون من ذلك مجيراً وعنه محيداً إن الله لم يشرك أحداً في ملكه خلقهم للفناء واستأثر بعدهم بالبقاء. جعل الموت منهلاً ليس عنه مزحل، إن سليمان نبي الله مات أعطاه الله ما لم يعط أحداً فلم يك بذلك يدفع المقدور ولا يصرف المحذور، ولما قرب الأجل اضمحل الأمل ونزل الموت عليه بالفوت، فهو لكم عارية وأنتم له تراث فأضحى لكم نوراً وكنتم له مناراً، فمن استمسك فقد أصاب ومن الحد فقد أخطأ. دعا فأصاب ودعي فأجاب، غاب وشهدتم فأدوا ما سمعتم وعلمتم، أيها الناس هيهات والله هيهات أصبحتم بين طبقتين من الأموات تسابقون الساعات وتنتظرون الميقات خلقتم قبل الوعد والوعيد وتقدمتم النبأ وجاءكم الخطاب وغاب عنكم الثواب وإلى الله المآب - خلقتم قبل كل شيء ولكم نفع كل شيء وعليكم ضر كل شيء فعليكم الشكر ولكم النصر، أيها الناس سمعتم وأبصرتم والسمع والبصر للفؤاد، فمن سمع وأبصر نجا ومن لها هفا وعهد الدهر لكم هباء وثأركم جبار ولتعودن أخباراً، ثم من بعد من أين إلى أين، ثم أنشأ يرثي النبي سليمان عليه السلام وقال:

ألـــم يوجــلك ذا الخـبر اليقين
بـذاك وإن نـأى وقـت وحــين
ألـــم تــر كـــلما ولــى وأودى
 قــــرانــا لا يـعــــود و لا يكـــون
ومـــا دنيـــاك إلا حـــلم يـــوم
تنــبه كــــي تدان بمـــا تــدين
فــــإن الــزاد محفــوظ إذا مــا
تحمل عن مغانيه القطين
ألــم تسـمع بـذي القــرنين لـما
تمكن عنده الملك المكين
وكان الصعب في الدنيا بضغو
وجد الدهر فيه له قرين
تقضي طول مدته فأخنى
عليه بصرفه دهر خؤون
تعدت فيه أسباب الليالي
وأخرج من أمانته الأمين
فجاد بروحه لما دعته
دواعي الحين وهو بها ضنين
لقد جارى الخلود إلى مداه
وبان فأنجم الأفلاك جون
ألم تر صاحب الملكين أمسى
تحزمه عن الدنيا المنون
وكان عليه للأيام دين
وقد قضيت عن المرء الديون
رفاهة ملكه يوماً سواء
عليه الغث فيه والسمين
على الكرسي معتمداً عليه
يرف الخد منه والجبين
فخانته العصا من بعد ما قد
ألم به حين وحين
فخانته فخر لها وخرت
وصرح عندها الخبر اليقين
يسير بشر جع لا وصل فيه
تحار الشمس فيه والعيون
وتضحى الجن عاكفة عليه
كما عكفت على الأسد العرين
فسخرت الجبال له جميعاً
عليها الطير عاكفة عزين
فدان له الخلائق ثم قسرا
ودان الجن فيما قد تدين
بنوا صرحاً له دون الثريا
وأجرى تحته الماء المعين
تراه أملساً لا عيب فيه
يحار بصرحه الذهن الذهين
وقد ملك الملوك وكل شيء
تدين له السهولة والحزون
فأفنى ملكه كر الليلي
وخون الدهر فيما قد يخون
وكل أخي مكاثره وعز
على ريب الحوادث مستكين
كذاك الدهر يفنى كل شيء
فيضعف بعد قوته المتين

التعليقات: 0

إرسال تعليق

تعديل