شريح بن هانئ بن يزيد الحارثي

شريح بن هانئ بن يزيد الحارثي

هو شريح بن هانيء بن يزيد الحارث بن نهيك بن دريد بن سفيان بن سلمة بن الحارث بن كعب بن ربيعة بن الحارث بن كعب الحارثي من مذحج، قائدٌ مقدام، قاد الجيوش، وكان فقيها شاعرا قائفا، صاحب دعابة ومؤانسة، حسن الصحبة، طيب المعشر، سكن الكوفة، وأدرك النبي صلى الله عليه و آله ودعا له ولوالده، وكان من أعيان أصحاب علي عليه السلام، وممن شهد معه مشاهده كلها. واشترك في القادسية ونهاوند وفتح إقليم الاهواز وكان من قادة الامام علي في الجمل وصفين والنهروان ويوم تستر وشهد التحكيم، وكانت له وجاهه إذ وفد على معاوية بن أبي سفيان يشفع في كثير بن شهاب الحارثي فأطلق سراحه، وقتل في فتح سجستان في الجيش الذي بعثه الوالي الحجاج بن يوسف الثقفي. وكان له من العمر أكثر من 120 سنة. وهو القائل:


أصبحت ذا بث أقاســـي الكــبـر
قد عشث بين المشـركين أعصـرا
ثـم أدركــت النبـــي المنـــــــذر
و بعـــــــده صديـقـــه وعـمــــــــرا
ويوم مــهـران ويــوم تستــــرا
والجـمع فـي صـيفينهم والنـــهـرا
وبـــا جمــيـروات والمـشـــــقـرا
هيهات ما لطــــول هــــذا عمــــرا


قال خليفة بن خياط وفي سنة ثمان وتسعين ولى الحجاج عبيد الله بن أبي بكرة سجستان ، فوجه عبيد الله ابنه أبا برذعة ، فأخذ عليه بالمضيق وقتل شريح بن هانئ ، وأصاب المسلمين ضيق وجوع شديد ، فهلك عامة ذلك الجيش . 

لما انتهى الأمر في صفين إلى الموادعة، وحكم الحكمين ، بعث علي عليه السلام أربعمئة رجل إلى دومة الجندل، وعليهم شريح بن هانئ الحارثي ، وبعث عبد الله بن عباس يصلي بهم ويلي أمورهم . ولما أراد أبو موسى المسير، قام شريح فأخذ بيد أبي موسى ، فقال : يا أبا موسى ، إنك قد نصبت لأمر عظيم لا يجبر صدعه ، ولا يستقال فتقه ، ومهما تقل شيئا لك أو عليك يثبت حقه ، وير صحته ، وإن كان باطلا ، وإنه لا بقاء لأهل العراق إن ملكها معاوية ، ولا بأس على أهل الشام إن ملكها علي . وقد كانت منك تثبيطة أيام قدمت الكوفة  ، فإن تشفعها بمثلها يكن الظن بك يقينا ، والرجاء منك يأسا . وقال شريح في ذلك يوصي أبو موسى الاشعري:

أبـا موســى رُميتَ بشـر خصـم
فلا تضـع العـــراق فدتـك نفسي

وأعط الــحــق شامــهــم وخــذه
فإن الـيوم في مهــــل كــأمس

وإن غــداً يجــيء بمــا عـلـيــه
يدور الأمــر من سعــد ونـــحس

ولا يخـدعــك عمــرو إن عمــراَ
عــدو الله مـطلــع كل شمس
لـه خـدع يحـــار الـعـقــل فيهــا
ممــوهــة مـزخـــــرفـة بلبس

فلا تجــعــل معــاويـة بن حــرب
كشــيخ في الحـوادث غيـر نكس

هــداه الله لـلإســـلام فــــردا
سوى بنت الـنبـي، وأي عـرس

قال القاسم بن مخيمرة : ما رأيت حارثيا أفضل من شريح بن هانئ . وقال يحيى بن معين وغيره : ثقة. وقال الأثرم : قيل لأبي عبد الله بن حنبل : شريح بن هانئ صحيح الحديث؟ قال : نعم ، هذا متقدم جدا .

دخل على عائشة - رضي الله عنها -، فسألها عن المسح على الخفين، فقالت: ائت عليا، فإنه أعلم بذلك. قال: فأتيت عليا، فسألته، فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم.

قيل لشريح: بأي شيء أصبتَ هذا العلم؟ قال: بمفاوضة العلماء؛ آخذ منهم وأعطيهم. وقال شريح: إنما أقتفي الأثر؛ فما وجدت في الأثر حدثتكم.

وروي عن شريح بن هاني عن الامام علي عليه السلام أنه قال: لو علم الناس ما في الأضحية لاستدانوا وضحوا، انه ليُغفر لصاحب الأضحية عند أول قطرةٍ تقطر من دمها.

ومما روى شريح عن علي عليه السلام قال: سأل أمير المؤمنين عليه السلام ابنه الحسن بن علي: يا بني، ما العقل ؟ قال: حفظ قلبك ما استودعته. فما الحزم ؟ قال:أن تنتظر فرصتك، وتعاجل ما أمكنك. فما المجد ؟ قال: حمل المغارم، وابتناء المكارم. فما السماحة ؟ قال: إجابة السائل، وبذل النائل. فما الشح ؟ قال: أن ترى القليل سرفا، وما أنفقت تلفا. فما الرقة ؟ قال: طلب اليسير، ومنع الحقير. فما الكلفة ؟ قال: التمسك بمن لا يؤمنك، والنظر فيما لا يعنيك. فما الجهل ؟ قال: سرعة الوثوب على الفرصة قبل الاستمكان منها، والامتناع عن الجواب، ونعم العون الصمت في مواطن كثير وإن كنت فصيحا. ثم أقبل أمير المؤمنين على الحسين صلوات الله عليهم فقال له: يا بني، ما السؤدد ؟ قال: اصطناع العشيرة، واحتمال الجريرة. فما الغناء ؟ قال: قلة أمانيك، والرضى بما يكفيك. فما الفقر؟ قال: الطمع، وشدة القنوط. فما الخرق ؟ قال: معاداتك أميرك، ومن يقدر على ضرك ونفعك. ثم التفت إلى الحارث الأعور فقال: يا حارث، علموا هذه الحكم أولادكم؛ فإنها زيادة في العقل والحزم والرأي.

التعليقات: 0

إرسال تعليق

تعديل