مقال - هنا أُحرق «أصحاب الأخدود»..

نجران: هنا أُحرق «أصحاب الأخدود».. وكتب «الثموديون» خطهم قبل أن يهلكوا


 «الحياة»
مضى على الآثار في الجزيرة العربية آلاف الأعوام، إلا أن زيارتها والتأمل في تفاصيلها التي أبدع القدامى في تصميمها وهندستها، معمارياً وعمرانياً، من أهم المتع التي يسافر من أجلها السياح.
وتحتضن منطقة نجران في السعودية كثير من المواقع الأثرية التي مرت عليها الحضارات وتركت أثراً لم يمح، ومن هذه المواقع:

الأخدود
تعد الأخدود (مدينة رقمات سابقاً) من أغنى المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية حالياً، لما تحويه من كتابات ونقوش على الأحجار التي يعود تاريخها إلى أكثر من 1750 عاماً. وترجع المدينة إلى «مملكة حمير» قبل 110 أعوام من الميلاد.
وورد اسم المدينة في القرآن الكريم في سورة «البروج»، في سياق قصة المحرقة التي ارتكبها آخر ملوك التبابعة (ذو نواس) في حق سكان نجران المؤمنين في الله، بعدما أساء معاملتهم وقتل الكثير منهم ظلماً (ترجح مصادر تاريخية أنها وقعت حوالى العام 520 ميلادية).
وتبلغ مساحة المدينة الأثرية خمسة كيلومترات مربعة، ولا تبعد أكثر من 15 كيلومتراً عن وسط نجران. وهي وجهة للسياح، إذ يتاح لهم التجوال من الصباح وحتى غروب الشمس في هذه المدينة التاريخية، من أجل رؤية «الأخدود» و«النقوش السبئية»، و«الرحى العظيمة» التي يبلغ قطرها حوالى مترين، وبارتفاع يبلغ حوالى المتر، والمنحوتة من «الغرانيت».
ونقبت وكالة الآثار والمتاحف في وزارة التعليم سابقاً ابتداءً من العام 1402هـ، في الأخدود لتكتشف في منطقة القلعة سوراً خارجياً كبيراً مشيداً من الحجارة المربعة ومزيناً من الأعلى بشرفات دفاعية، وداخله مبان حجرية، إضافة إلى كتابات ورسوم حيوانية. وتم الكشف أيضاً عن مقابر خارج القلعة.
وأظهرت التنقيبات الأثرية أن الموقع كان يعتمد على الزراعة، من خلال السدود وأنظمة الري التي وجدت بقاياها فيه، وأظهرت النقوش المكتشفة أن الموقع كان مركزاً هاماً لتجارة القوافل.

آبار حمى
وهي عبارة عن ست آبار متجاورة، كل بئر لها اسم مختلف وبعض هذه الآبار محفورة في الصخر. وتقع على بعد 150 كيلومتراً شمال نجران، ويعود عمر موقعها إلى سبعة آلاف عام.
وحفر الإنسان القديم هذه الآبار لتكون اليوم من أقدم المحطات الأثرية، والتي ما زالت تقدم الماء العذب، والذي كانت تشرب منه قديماً القوافل المتجهة إلى بلاد الهند واليمن في صحراء منطقة نجران.
ومنطقة الآبار هي موقع لأبرز الرسوم والنقوش الصخرية التي تحوي الرسوم الآدمية والحيوانية إلى جانب الكتابات بخط البادية المعروف بـ«الثمودي»، نسبة إلى قوم ثمود الذين وردت قصة هلاكهم في سور عدة من القرآن الكريم، إضافة إلى المسند الجنوبي والخط الكوفي. وتتوزع الكتابات في الجبال والكهوف، ويصل طول أحدها إلى ستة أمتار وتعود إلى مراحل حضارية مختلفة.

قلعة رعوم
تتربع القلعة على قمة جبل رعوم، وتطل على مركز الحضن في مدينة نجران. ويجذب منظر مدينة نجران ومزارعها وآثارها السياحية من قمة تلك القلعة الزوار من داخل المملكة وخارجها، ويقدر ارتفاعها بحوالى ألف متر. وبنيت القلعة من قطع الأحجار والطين، وسقّفت بخشب السدر والأثل والنخل. ويوجد أسفلها خزانات صخرية تم بناؤها بعناية تمتلئ بالماء أثناء هطول الأمطار.
ورممت الهيئة العامة للسياحة والآثار المنطقة أخيراً، وأعادت كل الأجزاء التي سقطت سابقاً. إضافة إلى تهيئة الطريق المؤدية إلى القلعة بإعادة ترميم الدرج الحجري ليخدم الزوار الذين يفدون على الموقع.

سوق الجنابي
يُعتبر من أهم الأسواق التراثية في المنطقة، ويتميز ببيع الجنابي (جمع جنبية) وهي الخناجر التي يتمنطق بها أهالي نجران في احتفالاتهم ومناسباتهم. وتكاد تكون المكون الرئيس للزي الرجالي في المنطقة، إذ يعود التمنطق بالجنبية إلى تاريخ ضارب في القدم، يصل إلى «مملكة حمير» التي هيمنت على نجران قبل الميلاد.
ويقع سوق الجنابي في حي أبا السعود التاريخي، ولا يقتصر على الجنابي فقط، بل يعرض المنتوجات الجلدية التي تميز أهالي المنطقة بصناعتها، مثل «المشراب» بلهجة أهل نجران، وهي القربة المصنوعة من الجلد. وما زال أهالي نجران لا سيما كبار السن يشربون الماء من خلال «المشراب» أو «المزادة».

قصر الإمارة
قصر الإمارة واحد من أروع نماذج العمارة التقليدية في الجزيرة العربية، ويقع وسط نجران في حي أبا السعود التاريخي على مساحة تقدر بحوالى 6 آلاف و252 متراً مربعاً.
وبني القصر العام 1361 في عهد الأمير تركي بن محمد الماضي، ليكون مقراً للإمارة ودوائر حكومية أخرى. ويوجد في القصر 65 غرفة، ومسجد، ومحاط بسور مرتفع مدعم بأبراج دائرية في أركانه الأربعة. إلا أنه تم إخلاء القصر في العام 1387 هجري، وترميمه في العام 1429 ليكون مقراً للحرفيين.
ويرجح أن البئر التي كانت تزود القصر بالماء تعود إلى فترة ما قبل الإسلام، ويدل على ذلك الجزء الأسفل منها المبني بالآجر الأحمر.

غابة سقام
تتميز هذه الغابة التي اخذت اسمها من جبل سقام، بأشجار السدر الطبيعية والسمر، إضافة إلى مسطحات خضراء وأماكن ترفيهية. وتضم الغابة واحداً من أكبر منتزهات الشرق الأوسط، وهو منتزه «الملك فهد الوطني»، الذي يشهد إقبالاً كبيراً من الزوار طول العام. ولا تبعد الغابة كثيراً عن منطقة «الأخدود».

قصر «العان » أو «سعدان»
سعدان هو الأسم الذي أطلق على القصر قبل 300 عام، أما اليوم فيسمى العان نسبة إلى القرية التي يوجد فيها. ويقع في الجهة الغربية على قمة أحد الجبال ويتميز بطراز معماري رائع، إذ تم بناؤه من الطين بنظام المداميك «العروق»، ويتكون من أربعة أدوار، ويحيط به سور طيني، ويوجد فيه أربعة أبراج وبوابة رئيسة. 

التعليقات: 0

إرسال تعليق

تعديل